الجمعة، 30 ديسمبر 2011

الاتحاد العام التونسي للشغل : صمام أمان الاستقرار الاجتماعي والانتقال الديمقراطي.

بقلم : المناعي
بروح جديدة وثبات على القيم يعود الإتحاد العام التونسي للشغل من مؤتمره الثاني والعشرون الذي اختار له له شعار " أحبك يا شعب " في وصل معبّر بين الماضي والحاضر و دلالة على الوفاء للتاريخ النضالي لأجيال النقابيين على رأسهم المؤسس فرحات حشاد وتذكيرا بأن حب الشعب هو الخيط الرابط بين ماضي الاتحاد و مستقبله وهو الدافع لمواصلة النضال وهو اليوم حافزنا جميعا لبناء ديمقراطيتنا و حمايتها من الانزلاقات والارتداد وفي ذلك يبقى الاتحاد كما كان صمام أمان المراحل الصعبة .
الإتحاد العام التونسي للشغل كيان متجذر في الواقع الاجتماعي التونسي يستقي شرعيته من تاريخه النضالي في حركة التحرر الوطني و بناء الدولة ومؤسساتها ، لعب دور قوة التعديل والتوازن حين انحازت السلطة نحو الاستغلال الاقتصادي والاستبداد السياسي ولم يتأخر مناضلوه في اثراء الدولة التونسية بكوادر و كفاءات تجمع بين النضالية والالتحام بهموم الشغالين وعموم الشعب وبين الحنكة السياسية و الكفاءة كما لم يتوانى النقابيون في التحول في فترات الانغلاق السياسي إلى معارضة صريحة للنظام القائم بلغ حد المواجهة ...وفي ذلك كان التجاذب سمة العلاقة القائمة بين السلطة والاتحاد و رهان الاستقلالية كان دائما مطروحا على قيادات المنظمة للتوفيق بين قوة التفاوض التي تترك مجالا للتواصل مع السلطة القائمة و الإبقاء على قوة ضغط ضرورية كانت دائما الإطار الذي تحققت من ورائه مكاسب الشغالين وابرز مكسب هو وجود اطار تعددي حر يتسع للجميع .
في إطار تجاذباته مع السلطة مثل الاتحاد حاضنا لجميع التيارات السياسية التونسية التي دفع التضييق السياسي بها الى اللجوء للتنظيم النقابي والتعبير عن مواقفها وضمان استمرارية كياناتها السياسية وتواصل مناضليها تحت مظلة الاتحاد . كما كان العمل النقابي مسؤولية تحملها حملة الفكر السياسي خاصة من اليسار بمختلف أطيافه و التيار القومي بمختلف مرجعياته في حين تطفّلت على هذا المجال تيارات ليبيرالية و اسلاموية عائدة بقوة لا تجد في ادبياتها ولا في مرجعياتها ما يجعلها مدفوعة للدفاع عن الشغالين وعن معاناتهم الاقتصادية ضد النهب والاستغلال الذي يمارسه أرباب العمل في ظل غياب سيادة القانون وانحياز القانون ذاته لمصالح اصحاب راس المال لذلك صمد الاتحاد أمام محاولات الاختراق التي نجحت السلطة في عدة مناسبات في توظيفها لصالحها وفي ضرب العمل النقابي عبر أعوانها داخل المنظمة .
التزاما بوظيفته التاريخية في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشغالين وفي الدفاع عن الحريات وتكريس الديمقراطية على المستوى السياسي وفي العمل اقتصاديا من أجل عدالة اجتماعية واقتصاد تصان فيه كرامة العامل و تضمن فيه حقوقه كان مناضلي الاتحاد في الريادة في كل التحركات الشعبية الاحتجاجية المطالبة بالحرية وبالشغل وبالكرامة سواء أثناء أحداث الحوض المنجمي الذي كان لرموز نقابية يسارية الدور الفاعل في تأطير الاحتجاجات أو أثناء الثورة الشعبية التي كان النقابي حاضرا منذ الشرارة الاولى في سيدي بوزيد و في كل التحركات المساندة في بقية الولايات وكانت الإضرابات العامة الجهوية اللحظة الفارقة في انهاء الاحتجاجات بفرار الدكتاتور ...ومثلت المقرات الجهوية والمحلية للإتحاد وساحة محمد علي بالعاصمة منطلق المسيرات والاحتجاجات قبل 14 جانفي وبعده في دور الاتحاد في احتضان الثورة و القيام بالدورالتعديلي والرقابي في مرحلة ثانية لتحقيق اهداف الثورة وضمان الانتقال الديمقراطي .
اليوم تبدو مهمة الاتحاد العام التونسي للشغل أكثر إلحاحا على المستوى الاقتصادي بالعمل على هيكلة وتنظيم العمل النقابي وغلق الباب أمام الاحتجاجات والاعتصامات العشوائية التي من شانها ان تعطل المؤسسة الاقتصادية وتحول دون دعم الاستثمار وتعمق الأزمة ، وفي ذات الوقت رفع سقف حقوق العمال وتأطير تحركاتهم و دفع المسار التنموي نحو التوازن بين الجهات و الحد من التهميش ...
 على المستوى الاجتماعي تبدو الضرورة ملحة ليستعيد الاتحاد استقلاليته كاملة عن السلطة السياسية مهما كانت توجهاتها الايديولوجية والقيام بدور القوة المعدلة الدافعة نحو مزيد الديمقراطية وإطلاق الحريات والدفاع عنها واحترام حقوق الانسان و اغلاق الباب أمام كل عمليات اختراق من شانها أن توظّف هياكل الاتحاد خدمة للسلطة . كما يجب أن تتحول مقرات الاتحاد منابر للتوعية السياسية والنقابية وترسيخ قيمة المواطنة ليكون الاتحاد فعلا مجسدا لشعار " أحبك يا شعب " الذي رفعه الشهيد فرحات حشاد ويستعيده اليوم أحفاده حبا للشعب ووفاءا لتضحيات مناضلي الاتحاد نصرة للشغالين و لشعب يتوق للحرية والعدالة الاجتماعية .
كتب بتاريخ 29 ديسمبر 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق