الجمعة، 30 ديسمبر 2011

انطلاقة متعثرة للديمقراطية أم بداية قوية لدكتاتورية الأغلبية ؟



سلطة جديدة تتشكل على اثر أول انتخابات ديمقراطية ، معارضة تستعد و شعب على هامش المشهد يترقب ، نهم السلطة انطلق قبل اعلان نتائج الانتخابات توزعت المهام و حسم الأمر الذي كنتم من أجله تنتخبون ،انحراف في التعامل مع طبيعة الاستحقاق انطلق بالترويج لبرامج اقتصادية واغفال المهمة الأصلية للمجلس التأسيسي منذ الحملة الانتخابية تواصل هذا الخلط لتطفوا مفاوضات السلط الثلاثة على المشهد والتي تمخضت على سلطة نهضوية بدعم ومباركة من حزام مساند من المؤتمر والتكتل ...
تبدو جميع الأطراف في مرحلة تلمس الممارسة الديمقراطية تطبيقا وخطابا وتعاملا مع الحدث وتعاطيا اعلاميا ، فرئيس حكومة مؤقت في ديمقراطية ناشئة يتحدث عن الاشارات الربانية و الخلافة الراشدة السادسة ويكرر ما قاله زعيم حزبه بالقاهرة ...وقيادات تنفي وأخرى تؤكد من داخل الحزب الواحد ورفض لممثلي تيار العريضة الشعبية من السلطة والمعارضة معا واستهداف لهياكل الاتحاد العام التونسي للشغل مما ينبؤ بتوتر بين مكونات " الحلف الثلاثي" على قاعدة اختلاف المنطلقات الفكرية و اختلاف المشروع المجتمعي ومن ناحية أخرى توتر بين السلطة التي تنتظرها تحديات كبرى ومعارضة تقدمية بالأساس متمرّسة لها التجربة و القدرة على التصدي لأي انحراف عن مكاسب المجتمع و أهداف ثورة الشعب ومعارضة أخرى محتجة عن التهميش يمكن ان يكون لها الدور المؤثر في تيسير عمل المجلس او عرقلته أو التشويش على أعماله .
 ان الحياد عن رهانات المرحلة الانتقالية التي تتطلب توافقا حول حلول استعجالية للقضايا العالقة و الاتفاق حول دستور يعبر فعلا عن طموحات التونسي  ، يعتبر انزلاقا نحو دكتاتورية الأغلبية حيث عمدت القوى المتفاوضة الى التوافق فيما بينها على اقتسام السلطات دون ان تعرض على الشعب صلاحيات ودور اي منها ودون أن تضبط برنامجا للعمل مع اقصاء واضح لبقية ممثلي الشعب من الأطراف الديمقراطية المشاركة في المجلس الوطني التأسيسي و في الشأن السياسي ومن الاطراف الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني التي تعتبر طرفا اساسيا في البناء الديمقراطي و في توجيه الخيارات الاقتصادية للبلاد واقتصر التعامل على الجانب العددي بقوة الأغلبية وتغييب منطق التوافق و الطبيعة الانتقالية للمرحلة مجلسا وحكومة ورئيسا .
السلطة الناشئة التي أبدت امتعاضها و انتقادها لانطلاقة المعارضة واتهمتها بالعرقلة واتهمت هياكل أكبر منظمة وطنية مناضلة بالاستقراء بالأجنبي أبدت نقص الجدية الذي ترجمته تصريحات رئيس الوزراء المبشّر بالخلافة السادسة والانهماك في طمأنة الجميع دون عرض بدائل لمواضيع شائكة اختلفت الأطراف المتحالفة في تناولها عبر برامجها ولم تطرح موقفها منها ضمن حكومة ثلاثية الأبعاد أحادية التسيير.
ان ما ينتظر السلطة القيام به و ما ينتظر المعارضة الدفع اليه و ما يتوجب على الشعب متابعته والضغط من أجل تحقيقه هو فتح ملفات الفساد السياسي والمالي والإداري وتطهير المؤسسة القضائية والانكباب على معالجة قضية البطالة وحل القضايا المستعجلة وفتح حوارات وطنية موسعة حول اصلاح النظم التربوية والثقافية والإعلامية و الخيارات الاقتصادية ومناقشة منوال التنمية والسياسات العامة للبلاد دون السقوط في التجاذبات الحزبية والتوفيق بين ضرورة التمهيد للشرعية المقبلة ومعالجة المسائل المستعجلة و في ذات الوقت الالتزام بالطابع المؤقت للحكومة الحالية .
ان تخلي بعض الأحزاب عن مبادئها وتنكرها لبرامجها التي انتخبها الشعب على اساسها وارتمائها بين أحضان أكبر كتلة في المجلس والذوبان في برامجها من أجل سلطة منقوصة يهدد مبدأ التوافق الذي تتطلبه المرحلة وينبؤ بدكتاتورية الاغلبية التي تنسج مستقبل تونس على مقاس حساباتها السياسية الضيقة لذلك يبدو دور القوى التقدمية ضمن الأحزاب السياسية والجمعيات و الأطراف النقابية ووسائل الاعلام وصحوة الشعب صمام الأمان وضمان عدم الانتكاس الى دكتاتوريات جديد و أحزاب كرتونية جديدة بدأت تتوضح معالمها

المناعي
نشر 1 ديسمبر 2011
نشر بالطريق الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق