الأربعاء، 25 يناير 2012

مواضيع مختارة : قضية المرأة في كتاب الاسلام والحداثة لعبد المجيد الشرفي

 

قضية المرأة

بقلم : خالد غزال .
يفتتح الشرفي، في كتابه "الإسلام والحداثة"، الفصل الخاص عن المرأة بالقول :"من الأفكار الشائعة أنّ منزلة المرأة الدونيّة في المجتمعات الإسلامية عموماً والمجتمعات العربية على وجه الخصوص، تعود إلى ما اختص به الإسلام من تعاليم وأحكام عطّلت مساهمتها في الحياة الاجتماعية وجعلتها تحت سلطة الرجل أباً كان أم زوجاً وأحكمت حبسها في البيت لتكون أداة متعة وإنجاب وخدمة" (ص153). على غرار سائر الأديان التوحيدية في نظرتها إلى المرأة، من الخطأ تحميل النص الديني ما تفرضه على المجتمع تلك الثقافة السائدة حول المرأة. فهذه الثقافة المنسوبة إلى النص الديني هي في الأصل ثقافة موروثة من المجتمع العربي والإسلامي قبل الدعوة المحمدية. وإذا اعتبرنا أنّ النص الديني، في مجال الأحكام هو انعكاس للثقافة والتقاليد والعادات السائدة، في التعبير عنها وتمثل قسم منها وتجاوزها في الكثير من الأمور، عندها لا يعود مستغرباً أن نقرأ ما هو وارد في النص الديني عن المرأة إلاّ في وصفه نصوصاً وأحكاماً تتصل بزمان الدعوة ومكانها، وليس في وصفها قانوناً لكل زمان ومكان.
تعود النظرة السلبية في الإسلام تجاه المرأة إلى طبيعة التفسيرات العشوائية التي دأب عليها المفسّرون والفقهاء منذ القدم واستمرت تجرجر نفسها حتى العصر الحديث، بل ازدادت تراجعاً وتخلفاً مع الخطاب الأصولي المتشدّد تجاه المرأة وتحميل النص الديني تفسيرات مغالية بما يعطي صورة عن الإسلام في وصفه مرادفاً لظلم المرأة والحطّ من قيمتها. يشير الشرفي إلى مفاصل في هذا الخطاب الأصولي تجاه المرأة ويعدد بعض الخصائص العقلية التقليدية التي يبرّرها النص الديني، فيرى أنّ الأصوليين ينطلقون من مسلّمات:"1-اقتضت الحكمة الإلهية في تدبير الكون أن يقوم النظام الاجتماعي على شكل هرمي أعلاه الرجل وتحته المرأة ثم يليها العبد فالأمَة ثم الطفل والمجنون. 2- إنّ انحطاط حقوق المرأة عن حقوق الرجل نتيجة منطقية لانحطاط واجباتها عن واجباته أو بالأحرى تكليفها عن تكليفه"( الإسلام والحداثة، ص155). انطلاقا من ذلك يمكن تفسير هذا التذمّر الذي يبديه العلماء والفقهاء المتشبّعين بالثقافة التقليدية، حول الدعوات الحديثة إلى تحرير المرأة، فيعتبرون أن لا أساس لهذه الدعوات، لأن المرأة في نظرهم ليست مظلومة وإنها تتمتع بالحقوق التي ينصّ عليها الشرع والتقاليد التي سار عليها السلف الصالح. كما يرون أنّ هذه الدعوات تنسف "النظام الطبيعي ذاته كما أراده الله لعباده.. ولهذا السبب اعتبروا ويعتبرون تحرير المرأة العربية والمسلمة خدعة استعمارية ومكيدة صليبية اغترّ بها المنبهرون بالغرب فلم يدركوا تبعاتها في زعزعة نظام الأسرة الإسلامية وإشاعة الفساد في الأرض بالتحلّل من أسمى القيم الأخلاقية، فيعمّ الفجور محلّ العفة والتبرّج محل الحياء والتمرّد محل الطاعة بالمعروف" (الإسلام والحداثة ، ص156).
منذ بدايات عصر النهضة العربية في القرن التاسع عشر، احتلّت قضية تحرير المرأة حيّزاً واسعاً في المشروع التحديثي العربي والإسلامي بما يتجاوز النص الديني وفتاوى الفقهاء والتقليديين. يشير الشرفي إلى محاولات العديد من المفكرين والروّاد النهضويين الذين سلكوا درباً مخالفاً لهذه التصورات. رأى هؤلاء الروّاد أنّ المرجعيّات الفقهية تسعى إلى تفسير للدين الإسلامي يشوّه الكثير من جوهر هذا الدين خصوصاً في جانبه الإنساني، لذا كان لا بدّ من تجاوز الكثير من هذه التصورات الفقهية. وبما أنّ قضية المرأة ذات بعد اجتماعي وسياسي ويتصل بحقوق الإنسان والمساواة بين البشر، كان لا بدّ للفكر السياسي والاجتماعي الخاص بهذه المسألة أن يستلهم ما عرفته المجتمعات المتقدمة في الغرب على صعيد تحرير المرأة وتعديل القوانين المجحفة في حقها. وهو أمر لا يقع بتاتاً في خانة الالتحاق بالغرب والخضوع له على ما يقول الإسلاميون الأصوليون، فهذه المجتمعات الغربية عرفت في محطات تاريخية ما يشبه الوضع الذي تعيشه اليوم المجتمعات العربية والإسلامية في الموقف السلبي من المرأة والتمييز ضدها لصالح الرجل. إن ما عرفته هذه المجتمعات من تغيّرات طالت أوضاع المرأة كانت حصيلة نضال سياسي واجتماعي شامل انخرطت فيه المرأة بشكل أساسي ودعمتها فئات اجتماعية وسياسية وحركة فكرية كانت ترفض التمييز وتدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الميادين. يشير الشرفي إلى عدد من الرواد من أمثال الطهطاوي ومحمد عبده وقاسم أمين والطاهر حداد واحمد لطفي السيد وعلال الفاسي وخالد محمد خالد…وغيرهم، ترافقت طروحاتهم مع نضال خاضته المرأة نفسها عبر عدد من الرائدات في ميدان حقوق المرأة من أمثال ملك حفني ناصف ونظيرة زين الدين وهدى شعراوي… وغيرهن من المناضلات.
يخلص الشرفي إلى القول:"إنّ قضية المرأة ليست بمعزل عن القضايا التي تشغل بال المفكرين العرب والمحدثين والتي هي قضايا فكرية ودينية في احد وجهيها وسياسية اجتماعية اقتصادية في وجهها الآخر. وعلاقة الفكر الإسلامي المتّصل بها بالحداثة إنما هي علاقة بطرفين: بالقيم الحديثة الكونية في صبغتها رغم نشأتها في الغرب وبنقيضها أو خلافها أي قيم الماضي والموروث التي ما زالت غالبة على المجتمعات العربية بحكم بنيتها التقليدية الخالصة في بداية عصر النهضة وبنيتها المخضرمة بدرجات متفاوتة منذ ذلك الحين" (الإسلام والحداثة، ص173).

المراجع

عبد المجيد الشرفي: الإسلام بين الرسالة والتاريخ، دار الطليعة، بيروت،2008 الإسلام والحداثة، دار الجنوب للنشر، تونس، 1998 لبنات، دار الجنوب للنشر، تونس، 1994 محمد حمزة: إسلام المجدّدين، سلسلة "الإسلام واحداً ومتعدداً"، دار الطليعة ورابطة العقلانيين العرب، بيروت، 2006

مواضيع مختارة :الحركات الأصولية والتحديث، قراءة لمؤلف عبد المجيد الشرفي

الحركات الأصولية والتحديث

بقلم: خالد غزال 
يسود رأي شائع حول الموقف الأصولي من مظاهر التحديث وبالتالي الحداثة، وهو موقف يتّسم بالسلبيّة، واتهام هذا التطور الحضاري بتهم تقليد الغرب والخضوع لقيمه وأفكاره، وصولاً إلى المسّ بالقيم الإسلامية الموروثة. يفتح موضوع التحديث على مسألة التخلّف الحضاري والبنيوي للمجتمعات العربية والإقامة المديدة في الماضي والاستعصاء على الحداثة والتحديث. ليس مجافياً للواقع رد أحد العوامل الرئيسة لصعود الحركات الأصولية، إلى واقع التخلف هذا، الذي يطال جميع ميادين الحياة العربية. في مجتمعات لم تستطع مشاريع التنمية والتعليم التي قامت مع الاستقلالات الوطنية من ردم فجوات الفقر والبطالة والأمية، مقترناً ذلك بالهزيمة أمام العدو القومي، والعجز عن تحقيق نظام سياسي تسوده المساواة بين المواطنين والحفاظ على حرية الرأي… إن مجتمعات تعاني مثل هذه المعضلات تشكل تربة خصبة لنمو الأصوليات ومعها حركات التطرّف والإرهاب. تنعكس هذه المعضلات على أجيال الشباب التي تعاني مشاعر الضياع وافتقاد الأمل بمستقبل يلبّي الحدّ الأدنى من طموحاتها، مما يخلق لديها شعور بانسداد الآفاق وما ينتج عنه من إحساس بافتقاد المعنى الحقيقي لوجودها. تنجدل هذه الإخفاقات المجتمعية بشعارات طوباوية يعتمدها الخطاب الأصولي الذي يقدّم تفسيره لإخفاق الأنظمة الناجم عن الابتعاد عن تطبيق الشريعة الإسلامية، وتقليد الغرب والالتحاق به، ويدعو في المقابل إلى تقديم الإسلام، وحده، طريقاً للخلاص وحلاًّ لمشكلات التخلف في المجتمعات العربية. يستحيل قبول الخطاب الأصولي وتقديم حركاته منقذاً للواقع المتخلف عربياً، لأنّ الحركات الأصولية في جوهرها تعبير عن أزمة انهيار مشاريع التحديث العربية في أعلى تجلّياتها وليست جواباً عنها.
تحتلّ مسألة العلمنة موقعا جوهرياً في مسار المجتمعات العربية نحو تقدمها الحضاري. يحمل الخطاب الأصولي عداءً شديداً للعلمنة استناداً إلى موقف عقائدي يقوم على ادّعاء وحدانية الدين والدولة في الإسلام، واعتبار الفصل بينهما، كما تقول به العلمنة، "بضاعة استعمارية" تتناقض ومبادئ الإسلام. ليس هناك من شك أنّ ما جرى تطبيقه من وجوه للعلمنة على يد أنظمة الاستقلال لم يصب في ميدان إبراز الجوانب الايجابية لها. بل إنّ بعض التطبيقات التعسّفية وضعت علامات استفهام حول صلاحية هذه العلمنة وإمكان مساهمتها في تقديم حلول لمشكلات مجتمعاتنا العربية والإسلامية. في أي حال، يظلّ النضال من أجل فصل المجال السياسي عن الديني حلقة مركزية في تحقيق الإصلاح الديني والسياسي وشرطاً لتجاوز الكثير من معوّقات دخول العالم العربي إلى العصر. وعلى رغم كل الصراخ الأصولي ضد العلمنة، فإن المجتمعات العربية والإسلامية تشهد اختراقات "علمانية" تطال حياة المسلم من دون أن يمكن له الوقوف في وجهها. يعلّق عبد المجيد الشرفي على هذه المسألة بالقول :"على أنّ الثابت هو أنّ مسار العلمنة اليوم يفعل فعله في هذه المجتمعات كأعمق ما يكون الفعل، فهو في بعض من ملامحه يعتبر تحدياً للإسلام التقليدي، إذ لا شكّ أنّ الإسلام قد فقد قسماً كبيراً من قيمة تفسيره للكون. وهو من جهة أخرى، في هذا المستوى، يعيش نفس المشاكل التي تعيشها سائر الديانات التي أصبح اعتناقها ينزع شيئاً فشيئاً إلى أن يكون اختياراً قلقاً. فلنراهن على أنّ المسلم وهو يعيش مع القرآن وضعاً من التأويل مستمراً سيتمكّن من تحيين الرسالة القرآنية من جديد بحسب مقتضيات الحداثة، وسيلتقي متجاوزاً تقلّبات التاريخ وما تفرزه من تحريف يصيب الشعور الديني بالمعنى العميق للإسلام، الذي لم ينزّل لغير سعادة البشر. فليس من شأن منطق الإسلام، وهو تعبير عن العناية الإلهية، أن يحول دون رقيّ البشرية" (لبنات، ص67-68).

الأربعاء، 18 يناير 2012

على خلفية فيديو علي العريض : لا للمس من شرف الناس

بعد أن راج شريطا على شبكة الفايسبوك والمواقع الاجتماعية يتعرض بالتشويه لمواطن تونسي السيد علي العريض ويصوره في وضع مخجل بالسجن فترة التسعينات ، سواء كان ذلك مفبركا او حقيقيا فان علي العريض نعم يشغل حاليا خطة وزير داخلية ، نعم هو قيادي في حركة نختلف معها فكريا وسياسيا ، لكنه تونسي وعرضه وشرفه لا يجب ان يكون عرضة لهذه الممارسات غير المسؤولة ، ان ما كان يفعله بن علي من استهداف مخالفيه ومعارضيه بالتشويه وهتك الأعراض و ما يفعله عدة عناصر من حركة النهضة من تخوين للمعارضين و اتهامهم بالتحريض على العنف و بالكفر و غيرها وما قام به من نزّل هذا الشريط هو ضرب من الممارسة السياسية القذرة التي تمس الناس في شرفهم وتهدد استقرار حياتهم الخاصة ...ونحن كحملة الفكر التقدمي نؤمن ان الاختلاف الفكري والسياسي هو تنافس على خدمة مصلحة هذا الوطن ولا يوجد اي مبرر سواء لممارسة العنف أو التشويه و مس الاعراض وبالتالي نتضامن عن وعي وقناعة مع السيد العريض و ندعو كل عقلاء هذه البلاد الى الارتقاء بالممارسة السياسية والتحلي باخلاقيات الاختلاف والابتعاد عن الدناءة والاستهتار بكرامة الناس وشرفهم .
 المناعي
18 جانفي 2012

السلطة الجديدة : مسلسل الأخطاء تجاوزعدد أيام الحكم

 المناعي
12 جانفي 2012
يبدو من خلال تتبع الأحداث المتتالية منذ انتخابات أكتوبر 2011 بروز نسقين مختلفي السرعة والثبات بين شعب خطى خطوات ثابتة على درب المواطنة إحساسا واستعدادا للممارسة و بين سلطة لا تزال في مرحلة تلمس الممارسة الديمقراطية وعثرات ممثليها منذ البداية ، بل قبل حتى البداية أعطت انطباعا لدى الرأي العام بأن ما تغير لا يعدو أن يكون سوى تعويضا لأشخاص على نفس الجهاز بنفس الممارسات و بنفس طريقة تجييش الأنصار ومحاولة توظيف الإعلام وبالتلويح بالعصا الأمنية ...
مسلسل أخطاء السلطة الجديدة انطلق قبل حتى ميلادها بأن رشّح الحزب الحاكم الحالي رئيسا للحكومة قبل ظهور النتائج النهائية لإنتخابات المجلس التأسيسي و أوحى لجموع التونسيين أن هذا المجلس الذي هو افتراضا سيد نفسه ليس سوى غرفة للتصويت على ما يتفق عليه الحلف الثلاثي الذي اتفق على محاصصة أخذت من الشعب وقتا ثمينا حوالي شهرين على حساب قضاياه العاجلة فبدا الدستور آخر الاهتمامات إلى درجة التمسك بالجمع بين منصب الحكومة و عضوية المجلس في تحد لمنطق الأشياء الذي يفترض عند الجمع تقصيرا في إحدى المهمتين ...
مثل تنصيب رئيس الجمهورية من طرف حركة النهضة و الحزبين المزكيين لقراراتها نقطة أثارت عدة انتقادات لا فقط بين المعارضة لكن أيضا لدى الرأي العام الذي رأى في طقوس التنصيب مسرحية خلت من كل تشويق فأنتجت رئيسا مؤقتا فاقدا للصلاحيات واحتكارا كليا لرئيس الحكومة لكل للسلطة التنفيذية مع اقتصار رئيس المجلس التأسيسي على دور موزع الكلمة داخل المجلس ...رئيس الجمهورية المؤقت الذي تداخلت لديه صفة المناضل الحقوقي بصفة الناشط السياسي المعارض بصفة شريك حركة النهضة وصفة رئيس الجمهورية ممثل كل التونسيين، أطلق مبادرات تتجاوز صلاحياته على غرار نيته بيع القصور الرئاسية وتصنيف المواطنات حسب اللباس بين منقبات و محجبات وسافرات مما أثار حفيظة فئات عريضة من النساء و تهجم قيادات من حزبه على المنظمة العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل و اللجوء للإعتذار فضلا عن تبادل الاتهامات بين قيادات حزبه فيما بينهم على الفضائيات والإذاعات على خلفية المناصب الوزارية والتحالف مع حركة النهضة ، رئيسنا المؤقت لم يقف عند ذلك الحد بل تجاوزه للقيام بمغامرات دبلوماسية باستضافة وفد المجلس الانتقالي السوري و التدخل في الشأن الداخلي الجزائري مما أدى الى شن حملة اعلامية تجاوزت رئيس الجمهورية لتطال تونس وشعبها ...كما كان لتصريحه بخصوص علاقة الفرنسيين بتونس وتذكيرهم بماضيهم الاستعماري الأثر السلبي في الأوساط الإعلامية وحتى السياسية الفرنسية في وقت الاقتصاد التونسي في حاجة لكل شركائه لتدارك ما أفسده النظام السابق و عمقته الاعتصامات .
لم تكن مبادرات سيادة الرئيس المؤقت لتخفي تعثرات الحكومة التي توالت وتسارعت حتى كادت تمثل النشاط اليومي لسلطتنا الجديدة ،فالسلطة الفتية فضلا عن نهمها الشديد للحكم والاستفراد به وتلوينه سياسيا وقع خطابها في مطب الخلط بين التمثيل الحكومي والتمثيل الحزبي و تجاوز الطابع المؤقت الى درجة استهجان مصطلح المؤقت ذاته ... و انخرطت في جبهات مختلفة تهدد استقرار البلاد بل الحكومة ذاتها فملف المنقبات بالمؤسسات الجامعية و شطحات التيار السلفي التي عطلت الدراسة بكلية الأداب بمنوبة وروّعت المواطنين بسجنان أما صمت من وزارة التعليم العالي في الملف الأول و تهاون وزارة الداخلية في القضية الثانية جعل حكومة النهضة غير قادرة على الحسم في ملفات حساسة و مغازلة هذه التيارات المتشددة التي تريد تغيير النمط المجتمعي بالعنف الممنهج وفرض سياسة الأمر الواقع ...
تردد وزارة الداخلية في التعامل مع العنف الصادر عن ما يسمى بالسلفية اختلف كليا في التسرع بالتلويح بالحل الأمني للإحتجاجات المطالبة بالشغل و ممارسة العنف ضد الأساتذة الجامعيين والصحفيين بمناسبة الوقفة الاحتجاجية امام وزارة التعليم العالي و كذلك اقالة المدير العام لوحدات التدخل و الدخول في ازمة مع نقابات الأمن .
في ملف السياسة الخارجية و تكاملا مع اجتهادات رئيس الجمهورية المؤقت غير المدروسة واصلت حكومة الجبالي الخوض في قضايا حساسة في علاقة تونس بمحيطها حيث مثل استقبال اسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة و الاقرار بشرعية حكومته تدخلا في العلاقة الهشة بين الفصيلين الفلسطينيين حماس وفتح و تدخل غير مبرر في الشأن الداخلي الفلسطيني الجميع في غنى عنه ، كما مثل تصرف بعض الجماهير التي استقبلت هنية و الشعارات العنصرية التي رفعت احراجا للحكومة و لرئيسها مما أدى الى اعتذار زعيم الحركة الحاكمة ... في حين طرحت العلاقة المبالغ فيها بين السلطة الجديدة وقطر عدة نقاط استفهام خاصة مع احتضان قطر لصخر الماطري المطلوب للعدالة التونسية و علاقتها بالكيان الصهيوني و طالبان و لقاعدة عسكرية امريكية و تدخلها في الشأن الداخلي لعدة دول عربية ، هذه الدولة الصغيرة التي تريد ان تضع لنفسها موطئ قدم في المغرب العربي عبر ليبيا وتونس تمثل مصدر توجس لدى عدة أوساط سياسية في تونس التي لا ترى في المراجعة الجذرية في العلاقات الخارجية اي داع واي جدوى خاصة في ظل حكومة انتقالية مؤقتة .
لم تكن جبهة الاعلام التي فتحتها الحكومة على نفسها بأقل ضراوة واهدارا لطاقتها وضربا لصورتها بالداخل والخارج حيث تجمعت عدة مؤشرات دلت على نية واضحة لتوظيف الاعلام والهيمنة عليه انطلقت من نعت الاعلام العمومي بالحكومي التصريحات من هنا وهناك تتهم وسائل الاعلام بالانحياز لطرف دون اخر وصولا الى التعيينات التي دفعت الصحفيين الى الاحتجاج و عملية التجييش المناهضة لهذا الاحتجاج ارسلت رسائل سلبية لتعامل الحكومة النهضوية مع الاعلام الذي ابى الا ان يكون على درب الحرية والاستقلالية .
رغم خطاب الطمأنة والوعود والدعوة الى التوافق من الحكومة والى الهدنة الاجتماعية من رئيس الجمهورية المؤقت أراد حكام اليوم التفرد بمعالجة تركة ثقيلة من المسائل العالقة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا و ثقافيا ... بل وفتح جبهات جديدة تثقل كاهل الحكومة والبلاد معا مع اهتزاز الثقة بين الأطراف المتدخلة النقابية والاعلامية والحكومية ليدفع الجميع ضريبة نهم شديد للسلطة لم يولد غير مسلسل من الأخطاء والعثرات نتمنى جميعا تكون عرضية وان تكون العقلانية المنهج الأساسي لتعامل الحكومة مع جميع الأطراف وكل القضايا ووضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار حزبي او ايديولوجي  .

زيارة أمير قطر: لا أهلا ولا سهلا


بمناسبة احياء ذكرى 14 جانفي التي تعيد للأذهان صورة تختلط فيها دماء المحتجين بهتافاتهم المنددة بالدكتاتورية و الإستبداد والفساد و ناهبي أموال الشعب ، تستضيف حكومة لا يوجد في أدبياتها ولا في مراجع الحزب المنحدرة منه ما له علاقة بالثورة ولا بالقطع مع الماضي فهي محافظة قلبا وقالبا و ممارسة حتى انها احتفظت بالبرنامج إلى يوم الناس هذا ولم تقدمه للشعب .
بهذه المناسبة وبعد مرور سنة  على طرد دكتاتور تستضيف حكومتنا الثورية جدا دكتاتورا جاثما على صدر شعبه في حكم عائلي عشائري بدائي متخلف بل تجاوزت أفضاله أجواره ليشارك في قمع الاحتجاجات الشعبية بالبحرين ضمن قوات درع الجزيرة ، في ذكرى الاحتجاج على رموز الفساد والمطالبة بالعدالة والمحاسبة تستضيف حكومتنا المٌصلحة جدا العادلة جدا أميرا يستضيف بل ويحتضن لصا من لصوص النظام السابق صخر الماطري مطلوبا للعدالة التونسية الذي يحتفل برأس السنة في الدوحة تحت رعاية صاحب السمو ، هذا الأمير الذي يتصدق على الحكومة ببعض ملايين الدولارات تضم بنوكه أكثر من ثلاثة مليارات من الدولارات التونسية المهربة من قبل الماطري و أذناب الأسرة الحاكمة .
حكومة ترتمي بين أحضان هذه الدويلة التي تخضع لثلاثية التيار الاخواني المتطرف والصهاينة والعمالة لأمريكا ...قاعدة السيلية التي تشهد على المشاركة في غزو افغانستان والعراق و قصف غزة شاهد على تلوث أيدي كائنات النفط والعمالة ، لا يشرفنا اليوم استقبالهم ولا من يستقبلهم فلا أهلا ولا سهلا ولا مرحبا بهم وعاشت تونس حرة بعيدة عن التبعية لهذه الرجعيات .:
 المناعي

الأربعاء، 11 يناير 2012

رد قصير على مقال الأستاذ عبد العزيز المزوغي بجريدة المغرب

رد قصير على مقال الأستاذ عبد العزيز المزوغي بجريدة المغرب

نشكر الأستاذ عبد العزيز المزوغي على اهتمامه بالحراك التي تعرفه الأحزاب الديمقراطية و حركة التجديد بالتحديد لكن ... أنت تعرف سي المزوغي أن حركة التجديد كانت على الدوام قبل 14 جانفي وبعده منذ نشأتها سنة 93 منفتحة على التيار التقدمي والديمقراطي مجمّعة لكل القوى المناضلة ضمن هذا الخط ...تكرّس مع تجربة 2004 و 2009 و بعد 14 جانفي ضمن مشروع القطب الديمقراطي الحداثي ...وبعيدا عن نتائج هذه التحالفات و مبادرات التجميع فقد أسست حركة التجديد للعمل الجبهوي والجماعي مغلّبة المصلحة الوطنية على مصالح الحركة الضيقة ...وبالتالي  كانت من ابرز المرحبين بل الداعين الى تجميع الأحزاب والشخصيات التقدمية والحداثية بعد تجربة انتخابات اكتوبر ونتائجها المحدودة التي جعلت عدة قوى و اطراف تقدمت بشكل منفرد او مستقل للإنتخابات تراجع نفسها لتقتنع بضرورة التوحد للدفاع عن مشروع مشترك ومن بين هذه القوى الحزب الديمقراطي التقدمي و حزب افاق تونس وحزب العمل التونسي و مجموعة من الأحزاب الأخرى والشخصيات المستقلة ...هذا التمشي التوحيدي قطع أشواطا هامة من المشاورات كان الهدف منه تجميع قوى على قدم المساواة دون أي هيمنة من طرف على طرف اخر و دون التسرّع وعرض المشروع على قواعد جميع المكونات الحزبية  لتكون الخطوات ثابتة والتوحيد ناجع مع توضيح ارضية التوافق والمشروع المشترك ... وبالتالي حركة التجديد من باب مسؤوليتها التاريخية و التزامها بالمنهج الديمقراطي لإتخاذ القرار متمسكة بعدم التسرع وفي ذات الوقت عدم التردد في المشاركة في أي مشروع جدي يكون دافعه التجميع دون الهيمنة ومن باب المسؤولية الوطنية لا من باب الحشد ضد أي طرف سياسي ...
حركة التجديد تعقد مؤتمرها وهي موحدة ومتماسكة و في ذات الوقت في حركية دائمة لا انقسام كما وصف ذلك سي المزوغي و لا وجود لأطراف متمسكة " بالوطنية الحزبية " كما عبر عن ذلك الأستاذ بل عبرت جميع قيادات التجديد في كل المناسبات عن تغليب المصلحة الوطنية عن كل الحسابات الحزبية الضيقة والأحزاب ليست هدفا في ذاتها بل وسيلة لتحقيق طموحات نتقاسمها مع فئة عريضة من شعبنا ولا أعتقد ان الأستاذ المزوغي بغافل عن ذلك مع خالص تحياتي له مرة أخرى .
 المناعي