الخميس، 29 ديسمبر 2011

الحزب الشيوعي التونسي‏ (حركة التجديد حاليا): لمحة تاريخية


جمع : محمد المناعي
1 -  - ظروف نشأة الحزب الشيوعي :‏
-         أسس محمد علي الحامي جامعة عموم العملة التونسيين في 19 جانفي 1924 لقيت مساندة من نقابة الكونفدرالية العامة للشغل الموحدة  ذات النزعة الشيوعية. تعرضت لمعارضة الاشتراكيين والسلط الاستعمارية التي حاكمت محمد على الحامي نوفمبر 1925 .
-         نشطت أولى الخلايا الشيوعية في تونس على اثر نجاح الثورة البلشفية في روسيا 1917 وعقد أول مؤتمر بحلق الوادي ديسمبر 1921، بوصفه جناحاً تابعاً للفرع الفرنسي للأممية الشيوعية.
-         أصدر التنظيم الشيوعي العديد من الصحف أبرزها: حبيب الأمة( صدرت في 23 أكتوبر 1921 )، حبيب الشعب عطلتها السلطات الفرنسية بداية 1922.
-         ساند التنظيم الشيوعي الحزب الحر الدستوري الذي تأسس على يد عبد العزيز الثعالبي عند نشأته وطالبوا مجتمعين بدستور و حكومة مسؤولة امام برلمان منتخب الفصل بين السلط ومساواة الجميع أمام القانون والحريات العامة .
-         حدد الشيوعيون في مطالبهم السياسية مطلب الاستقلال السياسي لتونس، لكنهم في أواخر العشرينات، غيروا موقفهم من الحزب الحر الدستوري القديم وواصلوا رفع شعار مطلب الاستقلال.
-         عربيا وضح الشيوعيون في جريدتهم " المستقبل الاجتماعي" منذ 1922 عروبة فلسطين، واعتبار الصهيونية أداة في أيدي الإمبريالية الإنكليزية.
-         2 - مرحلة الثلاثينات - المسالة الوطنية والشيوعية :‏
-         بعد انشقاق الحبيب بورقيبة ومحمود الماطري وغيرهما وتأسيس الحزب الحر الدستوري الجديد  في مؤتمر قصر هلال 2 مارس 1934 واصل الشيوعيون التونسيون نشاطهم بوصفهم ممثلين عن الفرع التونسي للحزب الشيوعي الفرنسي، منسجمين كل الانسجام مع الخط الوطني العام.
-         شملت اعتقالات السلط الاستعمارية لرموز الحزب الحر الدستوري الجديد ونفيهم الى الجنوب اعتقال القيادات الشيوعية أمثال علي جراد ومحمد جراد و حسن السعداوي.
-         مع تولي الجبهة الشعبية الحكم في فرنسا عقب الانتخابات التي جرت في شهر ماي 1936 انفرج العمل السياسي للحزب الشيوعي بتونس الذي طالب بتحقيق إصلاحات ديمقراطية و إصلاحات اقتصادية واجتماعية مثل إقرار ثماني ساعات عمل في اليوم، والعطلة الأسبوعية، وتبنوا في الوقت عينه "المسالة الوطنية".
-         أقر الشيوعيون تونسة الحزب وفصله عن الحزب الشيوعي الفرنسي حيث عقدوا مؤتمرهم في الفترة الواقعة ما بين 21-22 ماي 1939، وكان من نتائجه:
- إقرار استقلالية الحزب، وتسميته " الحزب الشيوعي بالقطر التونسي".‏
-         تولي التونسيين قيادة الحزب، وانتخاب علي جراد أميناً عاماً.
-         على خلاف الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد وقف الحزب الشيوعي ضد ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية في اطار شعار الحركات الشيوعية في العالم "الفاشية هي الخطر الأكبر" مما أزم علاقته بالحركة الوطنية التي يتزعمها الحزب الجديد خاصة مع تأجيل مطلب الاستقلال والموقف المعادي للمنصف باي سنة 1943.
-         من أبرز نقاط ضعف الحزب الشيوعي منذ نشأته ضعف القيادات التونسية المسلمة مقابل هيمنة أبناء الأقليات الفرنسية والإيطالية المقيمة في تونس، إلى جانب أبناء الطائفة اليهودية التونسية، وأبناء البرجوازية الذين تخرجوا في الجامعات الفرنسية .
-         قام الحزب الشيوعي التونسي بإجراء مراجعة نقدية لتلك الفترة : يقول الأمين العام للحزب الشيوعي التونسي محمد حرمل في مقابلة له نشرت بمجلة النهج " طرح الحزب القضية الطبقية، القضية الاجتماعية، لكنه فعل ذلك على حساب وجهه الوطني.. نعني بالشكل الوطني أن تكون القيادة تونسية، وقد استطاع الحزب شيئا فشيئا أن يضفي الطابع التونسي على نفسه بتونسة نفسه... حتى عندما كان قوام الحزب مزيجاً أوروبياً- تونسياً، كانت سياسة الحزب وطنية، لكنها احتوت بعض الأخطاء.
-         3  - علاقة الحزب الشيوعي بالاتحاد العام التونسي للشغل:‏
-         منذ اغتيال محمد علي الحامي كانت الحركة النقابية منقسمة ومشتتة الى خاصة :
-         نقابة عمال الموانئ بقيادة محمد الري،الجامعة العامة للمواطنين التونسيين، نقابة عمال البناء، نقابة عمال ومنتسبي البلديات .
-         الاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي و "جامعة الصنايعية وصغار التجار في القطر التونسي"  التابعين للحزب الشيوعي التونسي .
-         واتصلت هذه النقابات المستقلة بفرحات حشاد الذي كون في عام 1943 الاتحاد النقابي لعمال منطقة الجنوب التونسي للتعاون معه على تأسيس اتحاد يجمع شمل العمال التونسيين.واسس الاتحاد العام التونسي للشغل بعد مؤتمره الأول 20 جانفي 1946 .
-         تأخر الاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي(الشيوعي) الى سنة 1955 حيث حل نفسه وانظم للإتحاد العام التونسي للشغل.
-         نشط الحزب الشيوعي التونسي بعد الحرب العالمية الثانية علنا نتيجة موقفه من الحرب ضد النازية وغير في ماي 1943 اسمه ليصبح الحزب الشيوعي التونسي.
-         شارك الاتحاد العام التونسي للشغل الى جانب الحزب الشيوعي التونسي في لجنة الحرية والسلام التونسية سنة 1948 .
-         انخرط الاتحاد بالجامعة النقابية العالمية التي يسيطر عليها الشيوعيون.
-         يقول الأمين العام المساعد للاتحاد النوري البودالي " لقد تعززت الروابط الكفاحية بين الاتحاد والحزب الشيوعي، وخاضا نضالات مشتركة في بداية سنة 1930، خاصة أن الاتحاد تبنى التحليل الذي قدمه الحزب الشيوعي،والمتمثل في أن الإمبريالية الأمريكية قد حلت محل الإمبريالية الفرنسية في المستعمرات"
-         كان تحالف الاتحاد والحزب الشيوعي قد اقلق بورقيبة الذي سعى إلى عزل الشيوعيين. فقد فصل الدكتور سليمان بن سليمان عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الجديد ورئيس اللجنة التونسية للحرية والسلام من الحزب، لأنه كان مناصراً للتحالف مع الحزب الشيوعي التونسي.
-         وجه فرحات حشاد نقده المباشر للشيوعية السفياتية
اكد الحزب الشيوعي التونسي في بيان سنة 1952 " أن ضمان انتصارنا الأكيد على عدونا الإمبريالي يكمن في اتحادنا جميعاً. دستوريين جدد وشيوعيين، نساءً ورجالاً وشباباً، ووطنيين مستقلين دون تمييز على أساس المنبت الاجتماعي أو الخاصية العرقية وبقطع النظر عن الأفكار السياسية "في جبهة وطنية تونسية... وقد يتيسر اليوم اتحادنا في جبهة وطنية بعد الموقف الذي اتخذه مؤتمر الحزب الدستوري الجديد 18 كانون ثاني يناير) 1952،حيث نصت لائحته على أنه : " لا يمكن أن يتحقق تحرير الشعب التونسي في ظل النظام الحالي " .
-         دعم الحزب الشيوعي التونسي الشق المستقل عن السلطة في اتحاد الشغل خاصة أحمد بن صالح مقابل الحبيب عاشور .
-         4 -  - الحزب الشيوعي ومرحلة التدعيم المؤسساتي للنظام 1956- 1969:‏
-         أيد الحزب الشيوعي كل إجراءات الحكومة التونسية المستقلة مثل اعلان الجمهورية ومجلة الأحوال الشخصية ، وخاصة منها تأميم القطاعات الاقتصادية الكبرى كالنقل، و الكهرباء، والمياه، والمناجم، وكذلك الإصلاحات في الميدان الزراعي، مثل حل الأحباس وتأميم جزء من أراضى المعمرين الفرنسيين.‏
-         انتقد الحزب منذ البداية استفراد البرجوازية بالسلطة و غياب التعددية السياسية و تهميش الطبقات الشعبية ...
مثل الحزب الشيوعي التونسي الطرف السياسي المعارض الوحيد بالبلاد بعيد الاستقلال حيث شارك في الانتخابات التأسيسية للمجلس النيابي ماي 1956،ب" قوائم الاتحاد" في دوائر:
(1)- تونس العاصمة، (2) ضواحي تونس، (3) باجة، (4) جندوبة، (5) الكاف، (6) مجاز الباب – زغوان، (7) صفاقص السخيرة، (8) جبنيانة- قفصة، (9) نابل، سليمان (45) سوسة، (11) المهدية، (12) القيروان جلاص، (13) مكثر – سليانة – تاجروين.
-         شارك الحزب في الانتخابات البلدية، جرت يوم 5 ماي 1957، تقدم الحزب الشيوعي بـ "قائمة العمل لصالح الشعب ".
-         وفي الانتخابات التشريعية لسنة 1959، تقدم الحزب الشيوعي بثلاث قوائم، تحت عنوان "قوائم الديمقراطية والتقدم ".
(4)- د دائرة تونس (2) د دائرة قفصة، (3) د دائرة جندوبة.
-        
-          شارك الحزب في الانتخابات البلدية التي تمت في البلاد على الرغم من المضايقات المتعددة التي قامت بها أجهزة السلطة ضده.
-         تسلم المناضل محمد النافع الأمانة العامة للحزب الشيوعي سنة 1948 استمر في قيادة الحزب الى سنة 1980
-         عقد الحزب الشيوعي التونسي مؤتمره الخامس سنة 1956 و أقر مبدأ التونسة الكلية للحزب والا يكون في الحزب غير التونسيين.
-         عقد المؤتمر السادس في جانفي 1957 و مؤتمره السابع في مارس 1962 .
-         من ابرز الرموز التي برزت منذ الاستقلال محمد النافع و محمد حرمل و موريس نزار ...

5 – الحزب الشيوعي في ظل هيمنة الحزب الواحد – (مرحلة 1963 1981 ) :

-         24 ديسمبر 1962 محاولة انقلابية على نظام بورقيبة فشلت وانتهت بحل المعارضة وحظر الحزب الشيوعي التونسي ومنع صحفه من النشر خاصة جريدة " الطليعة" و مجلة " تريبيون دي بروغري" .وفرض رقابة على الاتحاد العام التونسي للشغل و الاتحاد العام لطلبة تونس ابرز مؤسسات المجتمع المدني.
-         تم اعتقال عدد من كوادر الحزب الشيوعي التونسي أبرزهم محمد حرمل والهادي جراد وعبد الحميد بن مصطفى و توفي حسن السعداوي في احدى مراكز الأمن ومحاكمة العديد من الشيوعيين ...
-         ثمن الحزب الشيوعي التونسي تجربة راسمالية الدولة منتقدا طريقة تطبيقها وتركيزها على ممتلكات صغار الفلاحين واهمالها الاقطاعيات الكبرى كما انتقد عملية ضرب العمل النقابي والسياسي فترة الستينات ..جاء ذلك في وثيقة بعنوان » من أجل سياسة تقدمية وديمقراطية جديدة « في العام 1975
-         انتقد الحزب القمع التي انتهجه النظام في 26 كانون ثاني 1978 وسجن القيادات النقابية، ومحاولة احتوائه للاتحاد العام التونسي للشغل
-         تولى محمد حرمل الأمانة العامة للحزب الشيوعي التونسي خلفا لمحمد النافع.
-         سعى الحزب خلال فترة الحظر الى الحفاظ على ملامحه الايديولوجية و حمايتها من الانحرافات و قام بمؤتمره الثامن في فيفري 1981
دعى الحزب الى:
 1ً – الحل السريع لمشاكل الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد العام لطلبة تونس على أسس ديمقراطية وصحيحة. وهذا يعني رفع جميع الاستثناءات والاحترام الفعلي لإرادة الشغالين والشباب الطالبي.
2ً – الإعلان عن عفو تشريعي عام يرجع حقوق المساجين السياسيين والنقابيين.
إلغاء كل القرارات والقوانين المنافية للدستور حتى تضمن حريات التعبير والتنظيم لكل الاتجاهات السياسية بصفة واضحة دون قيد أو استثناء بما في ذلك حق الشيوعيين التونسيين في إصدار الصحف ورفع الحظر الذي تسلط على حزبهم منذ سنة 1964 اثر قرار إداري.
-         سعى الحزب منذ مؤتمره الثامن لتحقيق الأهداف التالية :

3 – الأهداف الاقتصادية :

أكد برنامج الحزب أن البديل الجديد التقدمي والديمقراطي الذي نقترحه يتركز على تحقيـق ما يلي:
- في المجال الزراعي ضرورة إجراء إصلاح زراعي، يمنع تجمع الأراضي في أيدي أقلية محظوظة، ويمكن الفلاحين من أكثر ما يمكن من الأراضي (الملكيات الفقيرة والمتوسطة)، ويضع حداً للنزوح ويطور الزراعات الغذائية ويوسع السوق الداخلية بما يسمح بتصنيع فعلي. ولتحقيق هذا الهدف يجب أن نحد من الملكية الكبيرة بالرجوع إلى مقاييس تختلف حسب الجهات وأنواع الزراعات وأن يقع التوزيع المجاني للأراضي على الفلاحين الفقراء والعملة الفلاحين وإعانة هؤلاء على تطوير إنتاجهم ووسائل عملهم بكل الطرق.
- في مجال التصنيع : يجب تغيير العلاقة بين قطاع الدولة والقطاع الخاص وإعطاء القطاع العام مهمته الحقيقية كمحرك للتطور، كما يجدر أيضا أن تتغير أهداف الإنتاج في اتجاه تطوير أشكال إنتاجية وطنية متجهة أساساً نحو السوق الداخلية.
- في مجال التجارة: يجب القضاء على القطاعات الطفيلية خاصة في الميدان العقاري ومجال التصدير والاستيراد كما يجب مراقبة الأسعار بصورة حقيقية.
- في مجال الضرائب أو الجباية: جعل السياسة الجبائية تتماشى وضرورة التقشف ولا يتسنى هذا إلا بالاعتماد على كل الفئات الاجتماعية الوطنية وإجبار الأقلية المحظوظة على دفع ضرائب توظف على ثرواتها الجديدة. وهكذا تساهم كل الفئات في معركة الخروج من التخلف والنهوض بالبلاد.

4- الأهداف الاجتماعية:

ضرورة تطبيق سياسة تشغيل منظمة للقوى العاملة، وإيجاد حلول جذرية لمسألة السكن، وتوفير خدمات صحية ودوائية مناسبة للفئات الشعبية، وتطبيق سياسة تعليمية وثقافية وإعلامية تستجيب لحاجات الطبقات الشعبية ومصالحها.

5- الأهداف السياسية:

- التأكيد على نهج الديمقراطية، واتباع سياسة تقدمية في البلاد، عبر تأكيد الترابط بين الديمقراطية والسياسة التقدمية في المبادئ الاقتصادية والاجتماعية.
- التأكيد على أن التعددية السياسية هي تجسيد للخيار الديمقراطي في البلاد، والذي يترسخ من خلال إيجاد صيغة العمل المشترك للقوى الوطنية والديمقراطية لمعالجة أوضاع البلاد. وقد عقب هذا الاقتراح سلسلة من المبادرات لبعث عمل موحد والاتصالات وتبادل الآراء مع الوحدة الشعبية وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين والاتجاه الإسلامي .
- تأكيد الحزب ضرورة عمل القوى الوطنية والديمقراطية التونسية لإقرار اتفاق وطني على أساس الحريات الديمقراطية، وإعادة النظر في الامتيازات الاقتصادية والاجتماعية.

6- السياسة الخارجية :

أكد الحزب الشيوعي في مؤتمره، أنه حتى تسير تونس في طريق التغيير اللازم فإننا في حاجة أيضاً إلى سياسة خارجية متحررة من كل موالاة للغرب، وغير منحازة فعلاً تنشط في اتجاه وحدة المغرب العربي، وتجعل شعبنا يشارك في نضال كل الشعوب العربية ضد الإمبريالية والصهيونية. إن الشيوعيين يناضلون ويناشدون كل القوى الوطنية للنضال من أجل سياسة خارجية تتماشى ومصلحة بلادنا الوطنية.

6 – الحزب الشيوعي واستئناف نشاطه العلني في 1981 :

-         استأنف الحزب الشيوعي التونسي نشاطه العلني في 19 جويلية 1981 بعد لقاء بين محمد حرمل و الرئيس الحبيب بورقيبة .
-         استأنف الحزب اصدار جريدته " الطريق الجديد" في 3 أكتوبر 1981
-         جاء في الطريق الجديد وصفا لها " الطريق الجديد سيسهم في مقاومة الاتجاه الرأسمالي الحالي وتركيز الآفاق الاشتراكية حتى تخرج تونس حقاً من التخلف وحتى يكون تطوير البلاد في صالح مجموع شعبها » ولن ينسى الطريق الجديد ميدان السياسة الخارجية « فيستعمل دوماً في سبيل سلوك سياسة عدم انحياز حقيقية وفي سبيل مساندة حركات التحرر في العالم وقضايا الشعوب العربية وخاصة القضية الفلسطينية مساندة تامة، وفي سبيل توثيق العلاقات مع القوى المعادية للاستعمار وخاصة مع البلاد الاشتراكية. والطريق الجديد سيسعى أن يكون منبراً للفكر التقدمي، الفكر الثوري المعاصر يروج الاشتراكية العلمية بعيداً عن كل تحجر وكل تعصب، وعن الآراء المسبقة"
على اثر محاكمة رموز الاتجاه الاسلامي  جويلية 1981 حدد الحزب الشيوعي موقفه منها على النحو التالي: » انه من حق أي مواطن أن ينتسب إلى" الاتجاه الإسلامي" وأن يدافع عن رأيه كما من حق أي مواطن أن ينتسب إلى اتجاهات أخرى. هذا وإننا لا نغض الطرف عن تقييم الاتجاه الإسلامي نفسه: إننا نعتبره تياراً فكرياً سياسياً يوظف الدين في السياسة فنختلف معه في ميادين ونلتقي معه في ميادين أخرى. إن توظيف الدين في السياسة يكون إيجابياً أو سلبياً، تقدمياً أو رجعياً حسب ما تحتوي عليه السياسة، التي ينطلق منها، وحسب الظروف والجماعات التي تستعمله. وقد كان إيجابياً بل ثورياً في بعض الظروف، وفي الإمكان أن يكون له دور إيجابي في ظروف أخرى، ولكنه في الإمكان أن يكون هذا الدور سلبياً إذ اختفت الحقائق والمصالح الضيقة والتعصب وراء الدين وإذا كان توظيفه لأغراض وأهداف رجعية. إن الإسلام ليس في حد ذاته مقياساً للتعرف على حقيقة وأهداف الذين يتخذونه اتجاهاً، ذلك إن الإسلام دين للجميع ولكن الجميع فئات وطبقات وصراع طبقي ونزعات، فهناك الرأسمالي وهناك العامل، وهناك الرجعي وهناك التقدمي، وهناك دول إسلامية رجعية وهناك دول إسلامية معادية للاستعمار.
ونحن متمسكون بالقيم الإسلامية التقدمية كما أننا متمسكون بالتقاليد العقلانية المتأصلة في تراثنا من ابن رشد وابن خلدون ومحمد عبده وجمال الدين الأفغاني والطاهر الحداد وغيرهم ممن اجتهدوا وتفتحوا لكل جديد تقدمي وطوروه. والتمسك بتلك القيم لا يعنى المحافظة الجامدة بل التطور المستمر. واعتقادنا أن التفتح إلى الماركسية كعلم لتحليل المجتمع وكأسلوب للعمل على تغييره يمليه إخلاصنا لتلك القيم وإمداداتها
شارك الحزب الشيوعي التونسي في انتخابات 1 نوفمبر 1981 ولم يمضي على عودته للعلنية 4 أشهر وقد شارك الحزب بقائمة » التغيير في صالح العمال ومجموع الشعب «، وطرح أسماء (42) مرشحاً في ستة دوائر انتخابية:
(1)- تونس الشمالية ويرأس القائمة: محمد حرمل.
(2)- تونس المدينة ويرأس القائمة: عبد الحميد بن مصطفى.
(3)- تونس الجنوبية ويرأس القائمة: عبد المجيد التريكي.
(4)- قفصة ويرأس القائمة: محمد النافع.
(5)- قابس ويرأس القائمة صالح الحاجي.
وكان اللون المميز لجميع هذه القوائم هو اللون الأزرق.
-         الاربعاء4 (نوفمبر) 1981، عقد الحزب الشيوعي التونسي ندوة صحفية قدم فيها محمد حرمل الأمين العام للحزب، موقف الحزب من الانتخابات التشريعية الأخيرة وقال محمد حرمل » نحن نملك ملفاً كاملاً يتضمن كل الوقائع التي لا يمكن الطعن فيها عن التجاوزات، وخرق القانون... وهي تجاوزات كانت تقع أحياناً بل غالباً في وضح النهار وأمام الجميع في معظم الدوائر الانتخابية التي قدمت فيه قائمات معارضة.... لقد وقع تغيير شنيع لنتائج هذه الانتخابات .
-         7 – من القانون الاساسي المنظم للحزب الصادر عن اللجنة المركزية 1987
تقوم المرتكزات التنظيمية للحزب الشيوعي على انه:‏
ا – حزب الطبقة العاملة.‏
2 – تبنيه النظرية الثورية العلمية « الماركسية اللينينة".‏
3 – اعتماده مبادئ المركزية الديمقراطية في بنية الحزب، وفقاً للأسس التالية:‏
9       تسعى الهيئات القيادية وخاصة المركزية إلى تشجيع البحث والتفكير والمبادرة، وقبول ملاحظاتها ومناقشتها، وتنظيم حلقات تثقيف الحزبيين.‏
2- انتخاب جميع الهيئات المسؤولة من القاعدة إلى القمة بما يضمن مشاركة أعضاء الحزب في اختيار قياداتهم مع جواز تعيين بعض الهيئات في الحالات الاستثنائية أو للفترات الانتقالية.‏
3- حرية المناقشات للتوصل إلى القرار، حيث تخضع الأقلية للأكثرية، مع حق كل عضو في الحزب في التمسك بأفكاره وقناعاته في إطار الحزب، حتى ولو كانت هذه الأفكار مخالفة لاتجاه الحزب المقرر (7) .
العضوية في الحزب :‏
يسعى الحزب الشيوعي التونسي أن يضم في صفوفه كل التونسيين الواعين بضرورة الكفاح السياسي المنظم للطبقة الشغيلة ولكل الفئات الشعبية. ويتم قبول العنصر في الحزب بعد أن يتبنى برنامج الحزب وقانونه الأساسي، وينخرط في إحدى منظماته، ويتعهد بالعمل في تلك المنظمة ويواظب على دفع اشتراكه المالي، وتتمثل واجبات عضو الحزب في المسائل التالية :
9       المشاركة بانتظام في الاجتماعات، والعمل بجدية في المنظمة والعمل على تطبيق سياسات الحزب، وتنفيذ قرارات هيئاته، وأن يتعمق في معرفة سياسة الحزب.‏
2- أن يعمل على رفع مستواه السياسي والفكري، ويحترم نظام الحزب الداخلي، وقانونه، ويعمل على إنجاز برنامجه.‏
3- تطبيق النقد والنقد الذاتي.‏
أما حقوق العنصر في الحزب فتتمثل فيما يلي:‏
9       انتخاب الهيئات المسؤولة في المنظمة المنتمي إليها.‏
2- الترشيح إلى الهيئات الحزبية في حال توافر المؤهلات والكفايات المطلوبة.‏
3- الإسهام في رسم سياسة الحزب وقراراته والمشاركة في المناقشات الحزبية، والتصويت على القرارات.‏
4- ممارسة سياسة انتقادية إزاء أعضاء الحزب وقراراته في إطار الالتزام بالموضوعية، والابتعاد عن الاعتبارات الشخصية (8) .
وفي نطاق عملية تجديد بناء الحزب على أرضية التحولات الاجتماعية والأيديولوجية التي عرفها المجتمع التونسي، الذي انتقل في الثمانينات من نظام الحزب الواحد إلى نظام التعددية الحزبية، ومن النقابة التابعة إلى الاستقلالية، أكد المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي التونسي تعميق مسيرة التجديد والتصحيح في عملية بناء الحزب وذلك من خلال :‏
أولاً : تعميق الديمقراطية في كل المجالات وتشجيع التفكير والبحث والمبادرة والنقاشات السياسية والفكرية في نطاق الهياكل ولجان العمل لتطوير وتجديد وتعميق أطروحاتنا الماركسية.‏
ثانياً: مع أن كل قراراتنا كانت جماعية في اللجنة المركزية والمكتب السياسي، لا بد من مواصلة المجموعات في اتجاه تعميق العمل الجماعي، وتوزيع المسؤوليات، وإحكام العلاقة بين مختلف الهياكل.‏
ثالثا: نبذ عادات الحلقات والتكتلات لأنها تدمر الديمقراطية وتبادل الآراء وتضر بوحدة الحزب. إن المركزية الديمقراطية عندنا ليست قالباً جامداً نطبقه على واقع الحزب بل هي خلق مستمر تثريها بتقاليد جديدة تقاليد ديمقراطية. والديمقراطية التي نريدها لشعبنا نريدها كذلك لحزبنا مع خصوصياتها.‏
إن الأساس في المركزية الديمقراطية هو الانسجام وتعدد الإسهامات، وفيها الخلافات ولا يجب أن تكون بيروقراطية ولا فوقية بل إطاراً حياً يسمح بالنقاش والنقد ويسمح كذلك لحزب ثوري أن يقوم بدوره مما يجعل الأقلية تقبل قرارات الأغلبية ولو حافظت على رأيها
هيكلية الحزب:‏
يتكون الحزب من هيكلية هرمية الشكل تبدأ من القاعدة نحو القمة، وتربط بين القاعدة "الخلايا" والقمة " المكتب السياسي «  هيئات منتخبة، بحيث تتولى جميع هذه الهيئات تطبيق سياسات الحزب وقيادته حسب موقعها.‏
9       الخلية : وهي أساس تنظيم الحزب، ويمكن أن تتألف في المعمل أو الحي أو المدينة. ويمكن أن تتشكل داخلها شعبة للنساء.‏
2- الفرع: ويتألف من جميع الخلايا الواقعة في منطقة معينة.‏
3- الجهة: وتتكون من جميع الفروع الواقعة في نطاق الولاية أو أكثر من ولاية .‏
4- اللجنة المركزية: وهي أعلى قيادة حزبية في الفترة الفاصلة بين مؤتمرين للحزب، وتتولى تسيير نشاط الحزب السياسي والتنظيمي.‏
5- المكتب السياسي: وتنتخبه اللجنة المركزية من بين أعضائها لقيادة الحزب ونشاطاته وسياساته في الفترة الفاصلة بين اجتماعات اللجنة المركزية، وفي إطار الخطة، التي ترسمها، وهو مكلف تنفيذ قرارات اللجنة المركزية.‏
-         6- الكتابة "السكرتاريا" ويتم انتخابها من قبل اللجنة المركزية التي تحدد أعضاءها، ومهمتها السهر على تنفيذ قرارات المكتب السياسي واللجنة المركزية
-         8 – الحزب الشيوعي بعد 7 نوفمبر 1987‏
-         عبرت القوى السياسية في تونس، لا سيما حركات المعارضة سواء التي تتمثل في أحزاب معترف بها، أو التي تنتظر أن يعترف بها بعد إتمام قانون الأحزاب المصادقة عليه، عن ارتياحها لبيان السابع من نوفمبر، الذي ألقاه الرئيس بن علي
-         اعتبر محمد حرمل الأمين العام للحزب الشيوعي الخطاب ( بيان 7 نوفمبر )مهماً جداً في مختلف الجوانب التي عالجها. وقال إنه موقف يدعم جو الحوار بين أحزاب المعارضة والسلطة...
-         أمضى الحزب الشيوعي التونسي من ضمن الأحزاب السياسية الست المعترف بها رسمياً "الحزب الشيوعي، حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، حزب الوحدة الشعبية، التجمع الاشتراكي التقدمي، الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ، والحزب الاجتماعي للتقدم "، وزعماء نقابيون، وممثلو حركة الاتجاه الإسلامي، وعبد الرحيم زاوري الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، قد وقعوا في يوم 7 نوفمبر 1988، على وثيقة الميثاق الوطني، التي تنص على مبدأ الديمقراطية القائمة على تعدد الأحزاب، وعلى أن من واجب الدولة، أن تضمن الحريات الأساسية، كحرية تشكيل الجمعيات والأحزاب السياسية، شريطة أن تمارس الحريات في حدود القانون، ويؤكد الميثاق الوطني : «  إن القيود الوحيدة التي ينبغي فرضها هي القيود التي تتضمن أسس المجتمع الديمقراطي والأمن العام للقانون، وحقوق الغير ".‏
-         شارك الحزب الشيوعي التونسي في انتخابات2 أفريل 1989 الرئاسية والتشريعية ( التنافس على 141 مقعدا) في 25 دائرة انتخابية عدد الناخبين مليونين و700 ألف ناخبا
-          وبلغ عدد المرشحين 487 مرشحا يتوزعون على النحو التالي:‏
-          141 مرشحاً باسم التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم.‏
-          124 مرشحاً باسم حركة الديمقراطيين الاشتراكيين.‏
-          116 مرشحاً مستقلا تدعمهم حركة النهضة الإسلامية.‏
-          37 مرشحاً باسم حزب الوحدة الشعبية.‏
-          25 مرشحاً باسم التجمع الاشتراكي التقدمي.‏
-          17 مرشحاً باسم الحزب الاجتماعي للتقدم.‏
-          16 مرشحاً باسم الاتحاد الديمقراطي الوحدوي.‏
-          6 مرشحين في قائمة مشتركة بين التجمع الاشتراكي والتقدمي والحزب الشيوعي.‏
-          5 مرشحين في قاتمة مشتركة بين التجمع الاشتراكي التقدمي والحزب الشيوعي والاتحاد الديمقراطي الوحدوي.‏
-          وكان بن علي قد فاز بنسبة 99.27% من عدد أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية، وفازت قوائم التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم بجميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 141 مقعداً.‏
-         فاز التيار الاسلامي فعليا ب14 % من مقاعد البرلمان و تقدم الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي التقدمي بإعتراض على النتائج المصرح بها .
-         قاطع الحزب الشيوعي التونسي مع كل أحزاب المعارضة المعترف بها الانتخابات البلدية 15 جوان 1990 احتجاجا على تزوير انتخابات 1989 وفاز التجمع الدستوري ب98 % من مقاعد المجالس البلدية .
-         علق زعيم الحزب الشيوعي التونسي محمد حرمل على خطاب الرئيس بن علي في 7 نوفمبر أنه  1990لم يستجب للمطالب الأساسية التي تقدمت بها المعارضة لكسر الجمود السياسي .
-         سعيا منها للقضاء واجتثاث حركة النهضة أكبر تيار معارض بالبلاد في تلك الفترة عملت السلطة على دعم أحزاب المعارضة ومحاولة تكوين جبهة ضد الاسلام السياسي ...انخرطت حركة الديمقراطيين الاشتراكيين خاصة زعيميها محمد مواعدة و خميس الشماري في تحالف مع السلطة ...
9 – الحزب الشيوعي التونسي يتحول الى حركة التجديد .
ومن الملامح الفكرية و السياسية والتنظيمية لحركة التجديد هذه، كونها حزباً وطنياً تقدمياً يسارياً يدافع عن العمال والفلاحين والفئات الفقيرة، ويعارض الانعكاسات الناجمة عن تعميق الفوارق الاجتماعية والجهوية .‏
-         نفى محمد حرمل أن يكون الانتقال من صيغة الحزب الشيوعي إلى صيغة "حركة التجديد" التي تأسست في العام 1994، تغييراً للاسم فقط، وأوضح أنها " مقولة مغرضة يرددها البعض للإساءة ونفى التجديد عنا باعتبارنا حزباً بالمعنى المتعارف إلى جانب أحزاب أخرى ". وأضاف : «  أسسنا حركة التجديد باعتبارها النواة الأولى لإعادة بناء الحركة الديمقراطية والتقدمية برمتها على قواعد فكرية وسياسية للمرحلة التاريخية الجديدة، وتأمين الظروف لتوحيد روافدها المختلفة بما يعزز إيجابياتها ويهمش سلبياتها ويعزز الاتجاه السليم...
-         المراجع :
-         المعارضة التونسية: نشأتها وتطورها – توفيق المديني دراسة – من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق – 2001
محمد المناعي
نشر يوم الأحد 27 يفري 2011 بالمدونة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق