الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

الأندلس والاعتراف العربي بالكيان الصهيوني

حين عبر طارق بن زياد المضيق من المغرب نحو ايبيريا اعتقد بقوة شرعية عبوره و قاتل وهو شديد الايمان بأن ما يقاتل من أجله هدفا شريفا وحقا مشروعا لا ينبغي لغيره .
حين انتصرت جيوشه لم يفكر يوما أن أحفاد تلك الجيوش ستفر تحت وطأة سيوف الإسبان ...
في المقابل قاتل السكان المحليين الغزاة العرب حتى غلبوا على أمرهم وبقيت الحدود الفاصلة بين الأندلس والشمال النصراني حدودا ساخنة ومعارك متواصلة لم يصدق الاسبان يوما ان الأندلس صارت للعرب ولم يسلموا رغم مارؤوه من استقرار وازدهار عاشته غرناطة واشبيلية و قرطبة و لم ينسوا كيف تحولت دور عبادتهم الى قصور لإمراء العرب و مساجد لأتباع دين غير دينهم ...
لكن بين 711 م تاريخ الغزو العربي و 1492 م تاريخ الفرار العربي من اسبانيا حوالي ثمانية قرون قضاها العرب على ارض اعتقدوا منذ الوهلة الأولى انها ارضهم و قضاها الإسبان ولم يعتقدو يوما انها ارضا عربية وكان أملهم يزداد توهجا مع كل فترة ضعف تعرفها الأندلس .

لم يسترد الاسبان ارضهم بالدعاء ولا بالتضرع ولا بالخطابات بل بالعمل والايمان بانهم اصحاب الأرض فعلا ما في ذلك ريب ، استفادوا من عدوهم المجاور من علومه و فنونه وقاموا بالاكتشافات التي أخرجتهم من سجن أوروبا القروسطية المتخلفة الى العالم الجديد بثرواته و كنوزه ليروا العرب فارين من امامهم يجرون اذيال الخيبة وليست مصادفة ان تكون رحلة كريستوف كولومبوس متزامنة مع سقوط غرناطة ... عادت الأرض لأصحابها وتحولت القصور الى متاحف والمساجد من جديد الى كنائس ودور يؤمها السياح من جميع اصقاع الأرض منبهرين بتاريخ اسبانيا المجيد .
التاريخ فعلا يعيد نفسه لكن في مسرحية ابطالها متغيرون وركحها متحول ... وأبطال مسرحية اليوم عصابة من المجرمين وجدوا السند الدولي لتنفيذ جرائمهم قتلوا نهبوا طردوا الأبرياء من ديارهم ودورهم اقتلعوا الزيتون والبرتقال والنخيل ...طمسوا المعالم وغيروا الأسماء و لبسوا بدلات مدنية بعد ان خلعوا لباسهم العسكري لكن الدماء على اجسادهم لم ولن تنمحي دماء ابناء حيفا ويافا وعكا والناصرة والقدس وجنين وغزة من تخوم لبنان الى البحر الأحمر ومن البحر الى النهر ... لم يستطع أفراد العصابة الصهيونية غسل الدماء من على أيديهم ووجوههم و غطت ابتساماتهم الحقد الدفين والعنصرية البغيضة ... تباكوا فصدق العالم دموع التماسيح ...
واليوم أصبح للعصابة برلمانا و حكومة وجيشا و اسلاك شائكة فسماها المتواطئون دولة و اعترف بها المغفلون خوفا على كرسي يهتز يوما بعد يوم من هول الجريمة ...
المجرم يبقى مجرما حتى لو شهد ببرائته ألف مجرم فدماء الشهداء تشهد على ماضيه ، والخائن خائنا يضل في حياته وبعد مماته ما لم يمزق عهود الخيانة واتفاقيات الخذلان ...
يبقى صبر البسطاء نافذا ويبقى ضيقي الأفق متسرعين يائسين ... الأندلس عادت لأصحابها بعد ثمانية قرون بالمقاومة والمطالبة و فلسطين حق لأصحابها مادامت بذرة المقاومة مشتعلة بالرصاص والقلم ..فلا العصابة تصبح دولة ولا الأرض تتنكر لأصحابها...
محمد المناعي
جويلية 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق