الخميس، 29 ديسمبر 2011

تلميع الفترة البورقيبية والخوف من الحساب

الشعب التونسي الذي قام بثورة استثنائية في تاريخه وتاريخ الشعوب ، ربما كان الشعب الوحيد الذي لم يحتفل بنجاح أولى ملامح الثورة وهي فرار رأس السلطة الدكتاتورية ، باستثناء صياح الناصر في شارع بورقيبة ...بات الناس يشاهدون مسرحية دراماتيكية على القنوات التونسية تأثثها صيحات الفزع من " القناصة " و أكثر الفاهمين لم يفهم شيئا مما يدور... وبعد دوامة من الاضرابات والاعتصامات و تجاذبات الحكومة المؤقتة والأحزاب الناشئة التي بدت ثورية اكثر من اللزوم ...وجدنا أنفسنا بعد اعتصام القصبة 2 في استقرار في العهد البورقيبي وكل ما يؤثث هذا العهد البورقيبي الجديد من صور لبورقيبة في الجرائد وخطاباته في التلفزات الوطنية و "غير الوطنية " فتخصص حصص بأكملها لتحليل شخصية الزعيم وتمجيده واعادة تمجيده ... ذكرنا ذلك بعهد بن علي حين تعرض علينا التلفزات بمناسبة عيد الاستقلال والجمهورية مقتطف قصير من صورة محمد الأمين باي و الحبيب بورقيبة و سرعان ما تمر الى " عهد التغيير " الذي انقض البلاد والعباد ...نفس السيناريو يتكرر مع تبادل في الأدوار فالوثائقيات المعروضة تكاد لا تبين سوى صورة " نبوية " عن " المجاهد الأكبر " و تقف طبعا عند 1987 ...كل هذا يبدو عاديا لولا الأسئلة التي يجب طرحها:
هل تونس بهذا العقر لكي نمجد فيها اما بن علي او بورقيبة؟ وهل التمجيد دخل في تقاليدنا أصلا ؟
هل شباب الثورة يعتبر بورقيبة القائد المثالي الذي نستفيد من تجربته في بناء تونسنا الجديدة؟
هل فعلا البورقيبية كانت مستنيرة ام الدكتاتورية غطت على ايجابيات " الزعيم "؟
هل تناسي تصفية الخصوم السياسيين لبورقيبة مقصود أم عفوي و من مقتضيات التلميع؟
هل تأخير الديمقراطية نصف قرن مسألة بسيطة يمكن تجاوزها ببساطة؟
هل معظم وزراء بورقيبة المتورطين في ما قام به بورقيبة من تصفية اليوسفيين و  محاكمة يساريي بارسباكتيف و ملاحقة رموز اليسار و اضطهاد النقابيين و تقتيل الناس في احداث 1978 و في انتفاضة الخبز 1984 ... واعدام الاسلاميين و الزج بهم في السجون و تعذيبهم ...امر يغتفر؟
اليس نجاح الثورات رهين القطع مع الماضي و الماضي بدون سقف زمني ...فماضينا ليس 23 سنة من دكتاتورية بن علي فقط ...؟
هل نقد البورقيبية من الخطوط الحمراء الجديدة ؟ نحن لا ننكر على بورقيبة والمستنيرين من وزرائه نشر التعليم و المؤسسات الصحية و التشريع لتحرير المرأة و القضاء على العروشية  و بداية صنع ملامح دولة قائمة الذات ولا ننكر مواقفه المشرفة لتونس من القضية الفلسطينية و الحداثة وقضية المرأة ...ولا ننكر قيادته للحركة الوطنية و نضاليته على مختلف الأصعدة خلال فترة الاحتلال الفرنسي وهذا ما يجب التركيز عليه من باب العناية بتاريخ تونس ...اما فترة الحكم فهي للنقد التاريخي و البحث المتأني بدون تقديس للأشخاص ودون تلميع .
لماذا في هذه الفترة بالذات يتم التركيز على بورقيبة ؟
بحثت فلم أجد جوابا فان انطلقت من حسن النية قلت أنه وفاء لمناضل وطني ساهم في استقلال تونس مع كثير من المبالغة في التلميع. وان انطلقت بدون نية و باستقراء بسيط لما يجري استنتجت ان هناك عملية ترويج لبورقيبة موجهة لشباب الثورة الذي انطلق في المطالبة بمحاسبة كل من أساء لتونس والتونسيين سواء من عمل مع بن علي او من عمل مع بورقيبة و عملية الترويج لتجميل الفترة البورقيبية و التمهيد لتحويل وجهة المحاسبة وتبرئة جماعية لمن استفاد من الدكتاتوريتين ويريد التمعش من الثورة .
محمد المناعي
9 أفريل 2011

هناك تعليق واحد:

  1. شركة تنظيف بجدة
    هل تجد صعوبة عند القيام بعملية التنظيف فلا داعى لبذل مجهود اكثر فشركة المنزل هى افضل شركة تنظيف بجدة توفر لك جميع خدمات التنظيف بأقل وارخص الاسعار التى لا تقبل المنافسة وهى شركة تنظيف فلل بجدة, تنظيف منازل بجدة, غسيل شقق بجدة, تنظيف مجالس بجدة
    شركة تنظيف فلل بجدة
    http://elmnzel.com/%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%81/cleaning-jeddah/

    ردحذف