الاثنين، 24 سبتمبر 2012

التظاهر بنصرة الرسول عوضا عن التظاهر لنصرته ورد الاساءة بأسوء منها .


التظاهر بنصرة الرسول عوضا عن التظاهر لنصرته ورد الاساءة بأسوء منها .


بعد الغزوة المظفرة للسفارة الامريكية نجح أبناء وطننا أيما نجاح في رد الاساءة  للنبي الكريم و اعادة الاعتبار للدين و المقدسات لكن كان رد الاساءة بأسوء منها ، كيف لا وقد كانت الحصيلة أربعة قتلى و عشرات الجرحى و المعتقلين و حرق ونهب للاملاك العامة والخاصة و صورة بشعة لدى الداخل والخارج مفادها ان شعبا لا يعي معنى الحرية تحول الى قطاع طرق بعد ان لفت انظار العالم بثورة غاية في الحضارة .ان حقيقة المسالة من أولها الى أخرها فيلم بأتم معنى الكلمة فلم وضع كالجبن في المصيدة للغوغائيين و فاقدي السند المعرفي والديني فانساقوا وراء غرائزهم بطريقة بافلوفية صنعوا بها فلما آخر رديء الاخراج عنوانه التظاهر بالتقوى والتظاهر بنصرة الرسول والتظاهر حتى بمعرفة خلق الرسول ذاته فكان النهب والسطو و السلوك المغولي في أبهى حلله هذا التظاهر كان عاما وشاملا لم يسلم منه اي طرف من صاحب فكرة براءة المسلمين الى صاحب فكرة توريط المسلمين في العنف مرورا بالحكومات القائمة بالاعمال الامريكية في أوطانها الملتفة على ثورات شعوبها .أول تظاهر هو تظاهر صاحب الفكرة باخراج فلم عن حياة العرب ثم غير وركّب وتحيّل ليصبح الخطاب عن نبي الاسلام ، لا سخرية مجانية كما يتظاهر البعض لكن وكما صرح احد المشاركين في الانجاز بانه كان ردة فعل على سجن و تعذيب عشرات الاقباط في مصر بعد محاكمتهم وفق قانون يجرم ازدراء الاديان فكان الانتقام هو سيد الموقف و التظاهر بالسنما هو الظاهر.التظاهر الثاني : هو تظاهر امريكا بان الفلم يدخل ضمن حرية التعبير والحال انه يدخل تحت طائلة ازدراء الاديان و الاعتداء على المعتقدات  وتظاهرها بلعب دور الضحية والحال ان اعتداءاتنا على سفاراتها قدم لها مسوغا جديدا للتدخل المباشر على اراضينا .التظاهر الثالث : هو تظاهر السلطة بدول ما يسمى بالربيع العربي بالاعتذار لامريكا و في نفس الوقت الاعتذار للشعوب عن عجزها امام سيدها الاكبر وولي نعمتها والحال ان حكام الاسلام السياسي من الاخوانيين الجدد لا يمكن ان يضحوا بذراعهم القوي السلفيين مهما تواترت حماقاتهم ولا يمكن ادارة الظهر لامريكا فتأشيرة المرور للسلطة تمنح حتما من هناك  .التظاهر الرابع : هو تظاهر المجموعات الاجرامية المتشددة في فكرها والتي مارست العنف ضد الفنانين والمبدعين والسياسيين بانها ستنصر رسول الله و الحال انها ذهبت لتمجيد عميد الارهابيين بن لادن على جدران السفارة الامريكية و تدمير الملك العام والخاص وحرق السيارات و عربات الشرطة وممتلكات السفارة الامريكية فكانت تتظاهر بالتظاهر السلمي لتظهر عنفها واجرامها المعتاد في حق نفسها اولا حيث القت بأربعة شبان في ربيع العمر الى التهلكة في مواجهة مغلوطة مع الامن التونسي المسلم المستاء بدوره من مهزلة الفلم فاصبح التظاهر بالتظاهر و الحقيقة عنف واجرام وسطو منظم .التظاهر الخامس : تظاهر حركة النهضة بأنها طرفا ثالثا في صراع بين السلفيين الذين مارسوا العنف و الامريكان الذين مارسوا الاساءة للرسول الكريم هذا التظاهر سرعان ما كشف وتعرى و ظهر للعيان حيث كانت متورطة الى النخاع في دوامة العنف التي حدثت ، اظهرت الشبكات الاجتماعية صورا لاتباع النهضة و بعض قياداتها المحلية تسير الحشود نحو السفارة كما أظهرت بعض الرموز الميليشياوية التي روعت المواطنين في موقعة 9 أفريل تتجول في باحة السفارة و تشارك في اعمال العنف و جميعنا يعلم بانها ذراع للحركة و لكنها تتظاهر بانها لجان حماية الثورة .التظاهر السادس : تظاهر حكومة النهضة ببراءتها مما حدث براءة الذئب ... والحال ان المسيرات التي تنادي ب " حرق السفارة واااااااجب " على وزن ما نرفعه نحن "حق التشغيل واجب " تحتشد من امام جامع الفتح متجهة نحو ساحة الجمهورية ومنها نحو البحيرة سيرا على الاقدام مع التذكير ان يوم 9 أفريل الفارط بدأ قمعنا من ساحة الجمهورية عندما كنا نتجه نحو شارع بورقيبة ، اذن تظاهر وزارة الداخلية بحيادها اوقعها في مأزق عجزت فيه عن الاجابة عن سؤال واضح المعالم ...لماذا لم تتصدى قوات البوليس لمسيرة غير قانونية تحمل شعارات تهدد بالعنف والحرق ؟ الا في حالة واحدة وهي اوامر وزير الداخلية بقمعنا و اوامره بحمايتهم  .التظاهر السابع : هو تظاهر مئات من شبابنا ابناء الاحياء الشعبية المحيطة بالمكان بالمشاركة في مظاهرة هي نفسها تتظاهر بنصرة النبي ، ليغتنموا الفرصة لنهب الممتلكات حيث افرغت المدرسة الامريكية من محتوياتها واظهرت الصور شباب ينهبون حواسيب و اجهزة تلفاز ومنقبة تهرب بآلة طبع وملتح ينهب كرسيا هزازا و احد تعساء الحظ لم يظفر سوى بانبوب ماء يستعمل لري الحديقة تأبطه و أطلق ساقيه للريح ... الملوث بالغازات المنبعثة من مدافع الشرطة .التظاهر الثامن : تظاهر بعض الاطراف السياسية بالتنديد بالعنف المادي من هنا والاستفزاز من هناك و لسان حال أغلبها يقول " فخار يكسّر بعضو .."
التظاهر التاسع : تتظاهر تيارات الاسلام السياسي بان الشعب التونسي لن يسكت اذا مست مقدساته و تدفع بهذا الطرح لتحقيق مكاسب سياسية لأحزابها ، كشف الحدث الاخير ان التونسي العادي يتحدث عن الامر بكل عقلانية واهتم بالعنف الممارس على السفارة والمدرسة الامريكية أكثر من اهتمامه بالفلم ذاته وتندر بمشاهد النهب اكثر من تألمه على موت الشبان الاربعة و سقط القناع لديه عن التقوى المزعومة للسلفيين بعد العنف و السطو على املاك الغير و عن السلطة المؤقتة حيث فشلت حتى في حماية اعوانها فما بالك بحمايته هو .ان هذه الحادثة عرت الكثير مما كان وراء حجاب أكدت من ناحية أن خمسون سنة من التحديث لم تنجح في محو صورة قاطع الطريق من أذهان البعض بل كشفت ان هذه الجماعات التي انتقلت من الجبن والاستكانة الى العنف والهمجية غير مستعدة للترويض و أنها تؤكد يوما بعد يوم ان سنوات التضييق والسجون لم تكن سوى جزاء طبيعي لاي مجرم يخرج عن أطر الدولة والمجتمع والسلوك المدني ، كما كشفت أن الحكومة الماسكة بزمام ... الشرعية دون المسك بزمام الدولة غير قادرة على تأمين سفارة دولة أجنبية فما بالك بوطن مترام الاطراف تنشط على أطرافه سوق السلاح والمخدرات و الجماعات الارهابية ، هذه الحكومة التي لخصت فشل خطتها الامنية في " استنيناهم من قدام جاونا من تالي " لا تستطيع فرض سلطة القانون بل تستعمل الدولة كجهاز تابع للحزب تستأسد ان تعلق الامر بصحفي او نقابي او معارض و تتساهل مع الجماعات الارهابية التي تنظر للعنف وتمارسه بل تسمح لنفسها بتسيير المسيرات الفاشلة ، فشل خطتها التنموية والامنية لتؤكد أنها أعجز من أن تسير وطنا كهذا الوطن .

16 سبتمبر 2012





السبت، 15 سبتمبر 2012

غزوة السفارة الامريكية بتونس : رد الاساءة باسوء منها


رد الاساءة بأسوء منها .
ما فعله الاخوة التتار في غزوة أطراف السفارة الامريكية ونهب تجهيزات المدرسة وحرقها و تعريض 4 من السكان للقتل ، هي رسالة واضحة باننا شعب غريزي نرد الفعل على الطريقة البافلوفية دون وعي او تفكير و ضعو لنا الفلم كما يوضع الجبن في مصيدة الجرذان ، فركض الراكضون وحرق الحارقون ونهب الناهبون ، حين نمرر شريط الصور نخجل من أنفسنا شاب يتسلق مبنى سفارة دولة ليحرق و يخرب و يعتقد ان ذلك نصرة للرسول ، شاب يضع نفسه في مواجهة شرطي هو بدوره مرتعب من هول الهمجية و يعرض نفسه للموت ، شاب دخل المدرسة نصرة للرسول كما قيل فغير رايه سرق جهاز تلفاز وعاد ادراجه نحو المنزل ، سلالم ترشق على اسوار السفارة تذكرنا بغزوات البدو لقلاع الرومان الحصينة ،أحذية من صنع امركي تدوس علم امريكا في ارجل كائنات تحمل عقلية قطاع الطرق .
 كان بامكاننا رد الاساءة بفلم يمجد الرسول لكي لا نلفت النظر اكثر لشريط تافه دفعنا ثمن اشهاره من دماء ابنائنا ، كان بالامكان التظاهر ، كان بالامكان تنظيم حملة دعائية لخصال الرسول في انحاء امريكا ان كان هذا مجديا ، او على الاقل كان بالامكان رد الفعل بالتقيد باخلاق النبي نفسه لا تأكيد فكرة أننا بدو همج من بداياتنا الى يومنا هذا ، لقد اسأنا لانفسنا و للحضارة و للدين و لأخلاق المسلمين التي روجها غزاة السفارة أكدو  صورتنا لدى الغرب باننا لا نقاد الا بالحديد والنار و لا نقتدي حتى بمن ندافع عنه ... وخرجت امريكا منتصرة بتعلة جديدة للهيمنة و خرج غزاة السفارة و الفشلة على راس الوزارة يكرون اذيال الهزيمة ويكرون معها اشلاء 4 شبان و عشرات الجرحى ومال عام التهمته النيران و صورة مشوهة .خرجو لرد الاساءة فردوها باسوء منها


المناعي




15 سبتمبر 2012

الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

المعلمون ينفذون وقفة احتجاجية أمام وزارة التربية و مسيرة نحو ساحة محمد علي


تجمع اليوم 12 سبتمبر 2012 أكثر من ألفي معلم أمام وزارة التربية محتجين على قرار الوزير خصم ثلاثة أيام من المرتب على خلفية الاضرابات التي نفذوها خلال السنة الدراسية الفارطة ، تميزت الوقفة الاحتجاجية بحماسة غير مسبوقة وتحد للوزارة والحكومة ينبؤ بسنة دراسية متوترة مع الوزارة في حالة عدم الاستجابة للمطالب المشروعة للمعلمين وخاصة موضوع المعلمين المتعاقدين و منحة العودة المدرسية والقانون الاساسي و مطالب أخرى مزمنة ، أشار طاهر ذاكر كاتب عام النقابة العامة للتعليم الاساسي الى ضرورة توحيد الصفوف من اجل الدفاع عن مطالب المربين وعن الحريات العامة والفردية التي تنتهك يوميا في عهد هذه الحكومة كما ذكر بان الوزارة التي سارعت للخصم من مرتب المعلمين لا تعي انعكاس ذلك على علاقتها بالمربين ، وفي علاقة بالتعليم الزيتوني اشار طاهر ذاكر الى ان النقابة والمعلم متمسكين بخيار التعليم العصري العمومي و ضد كل الاشكال الرجعية للتعليم التي تسير عكس التاريخ .
شاركت نقابات التعليم الثانوي في الوقفة مساندة لزملائهم المعلمين و سجل حضور لسعد اليعقوبي الكاتب العام لنقابة الثانوي و حضور عدد ن النقابيين  والاساتذة ، انتهت الوقفة الاحتجاجية بمسيرة جابت شوارع قلب العاصمة من باب بنات الى ساحة محمد علي رفع فيها المشاركون شعارات منددة بسياسة الحكومة عموما وعلى وجه خاص في علاقة بالمربي 
تحية الى كل معلم ومعلمة على هذا التحرك النضالي ضد ضرب العمل النقابي و التنكر لمطالب المعلمين
,,,,,,,,,,,,,,,

اليوم بعد الوقفة الاحتجاجية الالفية والمسيرة و الشعارات التي رفعناها و الحضور الذي كان ملتفا حول هياكله النقابية و المساندة التي شهدها التحرك من نقابات المتفقدين وخاصة من نقابيي التعليم الثانوي ، عاد لي الامل بان المعارك المقبلة لن تكون الا لصالحنا ، هذه السنة نريدها سنة نضالية بامتياز و سنة حصد المكاسب لصالح قطاعنا .
فالف تحية للجميع .
المناعي 12 سبتمبر 2012



































الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

في عيدها السادس والخمسين : المرأة التونسية تخوض معركة جديدة من أجل التحرّر.


في عيدها السادس والخمسين :
المرأة التونسية تخوض معركة جديدة من أجل التحرّر.

إذا أردت معرفة مستقبل شعب فانظر الى مدرسته و"اذا أردت أن تعرف مدى تقدم مجتمع ما فانظر إلى وضع المرأة " كما يقول كارل ماركس، المرأة التونسية بعد أكثر من نصف قرن من مجلة الاحوال الشخصية تحتفل هذه الايام بعيدها و هاجس حريتها يعود من جديد بقوة بين هواجس أخرى متعلقة بالديمقراطية والتنمية والمستقبل و ليجعل نضالها من أجل المحافظة على حقوقها نضال وجود ، خاصة وان دائرة الحرية التي كانت ضيقة على الرجل والمرأة على حد سواء تزيد اليوم ضيقا على المرأة وتهدد صورة التونسية الحرّة العصرية والمناضلة لتعوضها صورة مستوردة غريبة بلا ملامح تقف ضد نفسها وضد حريتها وتكرس العبودية والمهانة .
لم ينقطع نضال المرأة التونسية من أجل دعم حقوقها طيلة عقود رغم الوضع السياسي و التضييق على الحريات الذي كان يحاصر المجتمع في عمومه ، اذ تم المتاجرة بالتشريعات التي حضيت بها منذ  الاستقلال و استعملت صورتها لتلميع الوجه القبيح للنظام المستبد وكانت وضعية المرأة هي الوجه الحقيقي لحالة المجتمع والبلاد من تجهيل وتهميش وقمع و استغلال وعرضة لكل أصناف العنف انطلاقا من العنف الأسري و تواصل النزعة الذكورية وصولا الى العنف في الشارع وفي العمل فضلا عن قمع المرأة المناضلة واستهدافها بالترويع والتشويه والهرسلة .
لم يزد الوضع بالبلاد المرأة سوى اصرارا على الدفاع عن مكاسبها ومكاسب المجتمع عموما والنضال من أجل الافضل فخرجت جنبا الى جنب مع الرجل احتجاجا على الاستبداد السياسي و النهب الاقتصادي الى أخر يوم في حياة النظام البائد حالمة بمستقبل أكثر حرية لها ولابنائها ولوطنها فمثّلت الثورة أملا جديدا لإنعتاق المرأة واستكمال لمواطنتها وعزم على بناء ديمقراطية فعلية ومجتمع عصري حداثي منفتح و أصيل تكون فيه المرأة النصف الذي لا غنى عنه في البناء والتنمية ، غير ان رياح الثورة أخرجت من المجتمع من بين ما اخرجت منه امراضا قديمة متجددة وعقدا كانت مكبوتة مثلت المرأة محور اهتمامها الاساسي .
وجدت التونسيات أنفسهن بين براثن تيارات تتلمذت على تلك الدكاكين الفضائية الممولة من النفط المنهوب من الشعوب ، تلك الدكاكين الوهابية التي تبيع الفتاوى والاواني  و تكرّس العداء للحياة فكان هدفها المرأة رمز الحياة ، تيارات همها المرأة والجنس لا ترى فيها سوى عورة ، سوى اداة للنكاح و آلة انتاج للأطفال و اشباع للغرائز وجزء من اثاث المنزل دون تعليم دون عمل ، دون اختيار و دون انسانية. نظرتهم الجنسية للمرأة تتمظهر في نقاط اهتمامهم بدء باللباس حيث النقاب الذي يطمس هويتها و يعزلها عن محيطها بتعلة درء الفتنة و عدم اثارة الغرائز وحيث الفصل بين الجنسين و الدعوة لختان الاناث و التعدد في الزوجات والزواج دون عقد مدني ... في تصور مهين للمرأة يستنقص من انسانيتها ومن كرامتها مستغلين مجموعة محدودة التعليم قليلة الوعي من الاناث الاتي رضخن لارادتهم طوعا او كرها ليحاولوا نشر نماذجهم الفاشلة في المجتمع .
لم تكن هذه التيارات مجرد تعبيرات مكبوتة وحسب بل هي امتدادات لمشروع منظم لتدمير بنية المجتمع واعادة تشكيله وفق رؤية افغانية - خليجية مستوردة غريبة عن مجتمعنا ، هذا المشروع رغم قوة الصد الذي وجده في المجتمع المدني والسياسي المستنير يجد له دعاة في الصفوف الامامية للماسكين بدواليب السلطة من دعوات حذرة من هنا وهناك لمراجعة بعض فصول مجلة الاحوال الشخصية و التواطؤ مع المعتدين على كلية الاداب بمنوبة وعميدها من دعاة الدراسة بالنقاب و الفصل بين الجنسين اضافة الى استقبال عناصر بارزة في الحركة الحاكمة لدعاة متطرفين يدعون الى اعادة فتح المجتمع التونسي و يروجون لعادات متخلفة . هذا المشروع الذي تتقاسم فيه التيارات الاسلاموية الادوار بلغ حد محاولة دسترة قوانين تحد من حرية المرأة و تتراجع بها عن حقوقها المكتسبة عوضا عن دعمها فقد اصرّت كتلة حركة النهضة بما - في ذلك النساء -على اعتبار المرأة مكمّلة للرجل لا مساوية له بما يعنيه هذا التراجع من مس بمواطنة المرأة ككائن مستقل بذاته ومساو للرجل في الحقوق والواجبات وفي القانون وامامه وفي المجتمع ،هذه الانتكاسة تكشف بجلاء موقف الطرف الحاكم اليوم من مسالة لا المرأة وحسب بل المجتمع ككل و الحريات العامة والفردية معوّلا على أغلبية نسبية زائلة وظرفية في المجلس و وذراع عنف في الشارع لتدمير ما بني في نصف قرن ، غير أن هذا الارتداد يجد مقاومة واضحة في حاجة الى الدعم سواء من داخل المجلس التاسيسي وخاصة الكتلة الديمقراطية و حتى من بعض شركاء النهضة في الحكم كما يجد رفضا في المجتمع المدني والجمعيات النسوية والحقوقية والأحزاب الديمقراطية التي نبهت الى خطورة المس من حقوق المرأة و التراجع عن مكتسباتها كما جاء في البيان الذي اصدرته مجموعة من الاحزاب مؤخرا و نظمت من أجل ذلك وقفات احتجاجية مطالبة بالتراجع عن الصيغة المهينة التي تم اقتراحها واقرار المساواة بين الجنسين صراحة في الدستور.
ان معركة حقوق المرأة لا تخاض قط في جانبها التشريعي الدستوري رغم أهميته بل تتجاوز ذلك الى البنية الفكرية والنفسية والاجتماعية للتونسي التي لا تزال تضع المراة موضعا دونيا يعيد انتاج المجتمع الذكوري الذي هضم حقوقها طيلة قرون كما أن المعركة تخاض على مستوى اقتصادي في تنمية عادلة تكفل للمرأة مكانها في العمل و تحقيق ذاتها وكرامتها وترفع عنها الاستغلال والتهميش وتخاض ايضا في المدارس بالدفاع عن مناهج تعليمية عصرية للمرأة فيه حظ كما الرجل تكرّس المساواة وتنشر ثقافة حقوق الانسان فضلا عن دور المجتمع المدني والسياسي في تأطير المرأة وتكثيف العمل التوعوي في صفوف الرجال والنساء على حد سواء لكي لا تصبح المرأة بنقص في وعيها مكرسة لوضعها الدوني ، ويضل النضال المستمر السبيل الوحيد لتحسين وضع المرأة والمحافظة على مكتسباتها ضد كل اشكال الارتداد .
                                                                                                    المناعي 7 أوت 2012


الثلاثاء، 31 يوليو 2012

حركة النهضة : السطو المنظّم على الدولة التونسية وفق منطق الغنيمة


حركة النهضة : السطو المنظّم على الدولة التونسية وفق منطق الغنيمة


ما انفكت حركة النهضة منذ توليها السلطة الانتقالية بالبلاد التعامل مع الدولة وفق منطق غنيمة الحرب ، انطلاقا من النزعة الهيمنية على مفاصل الادارة وصولا الى ملف التعويضات و اهدار المال العام مرورا بمحاولات تركيع الاعلام و واغراق المشهد السياسي  بأحزاب معادية للجمهورية  وفي كل ذلك تصم اذانها عن كل الاصوات المحتجة سواء من مكونات المجتمع المدني او من المعارضة او من المواطن مؤذنة بانطلاق مشروع منظم يستهدف هيكل الدولة والادارة و طبيعة المشهد السياسي والاجتماعي .
مع تواتر الأحداث وتتالي حماقاتها تعوّل الترويكا الحاكمة على عامل النسيان وقلة اهتمام المواطن الذي اصبح رهين اليومي وما تتداوله وسائل الاعلام بقطع النظر عن خطورة عثرات الحكومة التي اصبح لاحقها يغطي سابقها ويزيله من سطح الاحداث ،فاعتداءات 9 أفريل و قضية الميليشيات سرعان ما طمست من المشهد امام شطحات السلفية و الاعتداء على الحريات العامة لتثار مسالة بيع الإعلام العمومي و اعتصام مؤسسة التلفزة وما صاحبه من عنف وتجاذب اعلامي سرعان ماتم تجاوزه لقضية الاعتداء على جرحى الثورة ومنها للسلفية من جديد ثم وجدي غنيم وختان البنات وتسريب امتحان الباكالوريا ومنها لأحداث العبدلية فتسليم البغدادي المحمودي فاقالة محافظ البنك المركزي فتعيين محافظ مناشد فاعتقال نقابيي صفاقس فملف التعويضات ...وننتظر حدثا مفتعلا تغطي به الحكومة عن حدة ردة فعل المجتمع حول الملف الراهن.
بعد فشل محاولاتها المتكررة السطو على الاعلام انطلقت حركة النهضة مدعومة بالحزبين المواليين لها الى الهيمنة على الجهاز الاداري و ذلك بتعلة " التطهير " وهي كلمة حق أريد بها باطل فعطلت ملف المحاسبة والعدالة الانتقالية لتترك ملفات الفاسدين ورقة ضغط تفرز اما موال لسياستها وقراراتها وبالتالي يتحصّل على علامة " تجمعي نظيف" أو مستعص على الدخول في بيت الطاعة و بالتالي تشغيل الة التطهير ليعوض بموال او بأحد ابناء الحركة ، ولم يسلم من هذا الاسلوب اي مفصل من مفاصل الادارة فضلا عن المناصب ذات الصبغة السياسية فالنيابات الخصوصية للبلديات تم اعادة تشكيلها وفق المحاصصة والولاء وتعيين المعتمدين والولاة كذلك وصولا الى رؤساء المصالح في مؤسسات الدولة واخيرا تمرير قانون لاغراق الوظيفة العمومية بسجنائها السابقين وابنائهم ضاربة عرض الحائط عنصر الكفاءة و مهما كانت احتجاجات وملاحظات الملاحظين  فبعد فضيحة محافظ البنك المركزي لم يعد امام الترويكا من حرج في تعيين اي كان في اي منصب .
في اطار الاجندا طويلة المدى التي تعمل النهضة على تنفيذها و التي من بين اهدافها تغيير المجتمع و ضرب الموروث الحداثي للمجتمع التونسي و ضرب قيم المدنية والجمهورية في تقاليد الدولة التونسية تعمل منذ توليها السلطة الانتقالية على اغراق المجتمع المدني بمئات من الجمعيات والمنظمات التي تعتبر امتدادا لهياكلها الحزبية خاصة تلك التي تعمل تحت غطاء الجمعيات الخيرية التي تحترف جمع الاموال في ظل غياب تام لكل رقابة و تتبع لمصادر مواردها ، كما عملت مؤخرا على السماح لأربعة احزاب بتأشيرة النشاط القانوني وهي احزاب تصرح في وثائقها وعلى لسان زعمائها تناقضها مع الطابع المدني للدولة و عدم التزامها بالنظام الجمهوري و الدعوة لانماط حكم فردية تيوقراطية مستوردة من العصور الوسطى هذه الاحزاب واخرها حزب التحرير وحزب الرحمة السلفي تمثل الحزام الايديولوجي لحركة النهضة الذي يقوم بالدور التعبوي لمشروع الاسلام السياسي و السند الفعلي في الشارع والمجتمع مع كل خطوة نحو تغيير السلوك الاجتماعي للتونسي طوعا او كرها .
المظهر الثالث لإعتماد منطق الغنيمة و السطو على المال العام و الانتفاع بمقدرات البلاد مع تعطيل المشاريع التنموية والتشغيل هو ملف التعويض وما رصد اليه من مئات المليارات ستصرف لسجناء النهضة ذلك ان أغلب مناضلي اليسار صرحوا علانية بعدم مقايضة نضالهم بالمال ، في حين يقدم سجناء الحركة الاسلاموية في تونس اليوم فاتورة نشاطهم للشعب التونسي ليتقاضوا أجرا على ما يقولون انه نضالا والحال ان الملف شائك تتخلله قضايا اجرامية فعلية وقضايا حق عام و أعمال تدخل تحت طائلة القانون سواء في ظل نظام استبدادي او ديمقراطي فضلا عن ان " نضال" هؤلاء لم يكن يوما من اجل الشعب التونسي لا من أجل العدالة الاجتماعية ولا من أجل التشغيل ولا ضد التهميش بل من أجل مشروع دولة تيوقراطية هم أنفسهم تخلو عنه – ظاهريّا على الاقل – فالتعويض حق لمن اجبر على السفر أن يعود ولمن اطرد من عمله أن يسترجعه ومن عذب ان يحاسب من عذبه ومن ناضل من أجل قضية عادلة ان يكرّم ، لا أن يصبح قضية للمتاجرة ومصدرا للتمعش من المال العام على حساب التنمية والكرامة التي من أجلها ثار الثائرون ودونها سقط الشهداء .
ان منطق الغنيمة الذي يدفع حركة النهضة للهيمنة على السلطة والادارة والمجتمع يعيد الى الاذهان الخطاب الاخواني الاصولي الذي نشات منه والذي يعتبر السلطة المدخل الضروري لتغيير المجتمع " الذي يعيش في جاهلية " كما يقول سيد قطب ، ومن هنا فان مهمة الجميع من احزاب ديمقراطية ومجتمع مدني الوقوف ضد عملية الهدم المنظم للدولة و لقيم الجمهورية وضد هذا السطو الواضح على مقدرات الدولة وتوظيفها خدمة للمصالح الحزبية الضيقة فالقوى المناضلة التي حررت البلاد من نير الاستعمار ثم من سطوة الإستبداد قادرة على حمايتها من المد الرجعي .
31 جويلية 2012 بقلم المناعي ،

الأحد، 29 يوليو 2012

المعلم لن يتنازل عن حقه في الاضراب وفي العيش الكريم معا



المعلم لن يتنازل عن حقه في الاضراب وفي العيش الكريم معا
المعلّم الذي يعاني يوميا في الارياف والمناطق النائية من أجل نشر العلم والمعرفة .
المعلّم الذي يضحي من مال ابنائه من أجل توفير ادنى ادوات العمل في مدارس غير مجهزة وتلاميذ مفقّرة .
المعلم الذي يقوم طوال السنة الدراسية بدور المدرّس والمربي والاب يعاني تعسف الادارة و ضغط الولي .
المعلّم الذي يطمح الى العيش بكرامة هو وابنائه من مرتب لا يسمن ولا يغني من جوع .
المعلم الذي يحمل فوق هموم التدريس هموم القطاع وهموم مستقبل هذا الوطن الذي لا صلاح له بدون اصلاح المدرسة .
المعلّم الذي يناضل في المدرسة من اجل نشر العلم و في المجتمع من اجل نشر الوعي ...
المعلّم الذي اضطر و يضطر لخوض كل الاشكال النضالية من أجل الدفاع عن شرف مهنته ومطالب قطاعه المشروعة .
المعلّم الذي عانى من فساد الوزراء والادارة وعانى من المحسوبية والرشوة وعانى من التعسف والتجاهل .
تحرّك كما تحرك من قبل و أضرب كما أضرب من قبل، لم تكن السلطة قبل الثورة لتعتبر ان اضرابه شرعي و انه يمارس حقا لا تنازل عنه بل كانت تعتبره ممتنعا عن العمل ولا تستجيب للادنى الا بعد أن يمارس أقصى الاشكال النضالية .
اليوم تعود الوزارة لنفس الممارسة وتضرب عرض الحائط بالحق النقابي وحق الاضراب وحق العيش الكريم ، تماطل المعلم في مطالبه ، تضطره للأضراب الاول والثاني ، تضطره للاحتجاج من جديد ثم تستهدفه في لقمة ابنائه بخصم 3 ايام من مرتبه الضئيل ، الاضراب لم يكن يوما امتناعا عن العمل بل هو اصرار على العمل في ظروف كريمة ومناسبة هو الاصرار على العمل الكريم و رفض للاستهانة بمطالب المعلم ،  واليوم التحرك ضروري لتاكيد هذا الحق ومواصلة النضال من اجله .
الدعوة موجهة لكل معلّم بل لكل مربي للإحتجاج على هذا القرار الغاشم الصادر عن وزارة التربية والرامي الى تركيع اكبر قطاع في البلاد ، الدعوة لكل المربين و في مقدمتهم المعلمين الى التنسيق مع نقاباتهم الاساسية والجهوية والعامة و تنظيم وقفات احتجاجية امام المندوبيات الجهوية ، وهذا طبعا لا يكفي لذلك على كل الهياكل النقابية رص صفوفها والاعتصام بالمندوبيات الجهوية على اثر الوقفات الاحتجاجية اعتصاما مفتوحا الى حين التراجع عن هذا القرار الجائر ،دامت نضالات المربين معلمين واساتذة .
المناعي
29 جويلية 2012

الأربعاء، 25 يوليو 2012

مؤشرات "الدكتاتورية الناشئة " تعطي أكلها في أقل من أسبوع


مؤشرات "الدكتاتورية الناشئة " تعطي أكلها في أقل من أسبوع
محمد المناعي
من الاشارات الربانية الى الخلافة السادسة الى دكتاتوريتنا الناشئة زلات لسان ميّزت رئيس حكومتنا المؤقتة كما ميزت زلات حكومته في مجال التنمية و التشغيل و احترام حقوق الانسان مقابل الانتهاكات المتكررة للقانون و للحريات و الارتجال و السير الى الوراء بخطى ثابتة ، في ظرف اسبوع من الزمن ترتكب الحكومة خطأ اقتصاديا و خطأ سياسيا و تجاوز للحقوق والحريات الفردية في انتكاسات متتالية تنبؤ بتهديد المسار الديمقراطي .
الانتكاسة الاولى : اقالة محافظ البنك المركزي .
لم تمضي ايام على المدح والثناء الذي منّت به التشكيلة الحكومية على السيد مصطفى كمال النابلي لشخصه ولكفاءته قبل ان تصدر الاوامر الفوقية فتحول فجأة الى المسؤول الذي تسبب في كل ما فشلت فيه الحكومة الحالية و حتى السابقة الى درجة ان احدى النائبات النهضويات حملته مسؤولية الخوصصة في التسعينات ، هذه الاقالة بمبررات مضحكة لم تشفع للحكومة اخفاء المقايضة الطفولية بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ، بين غظ الطرف عن تسليم البغدادي المحمودي و اطلاق يد رئيس الجمهورية ليثبت ذاته عبر اقالة محافظ البنك المركزي مستندا لاغلبية مريحة في المجلس تصوت وفق انضباط عسكري ملفت .
هذا التعامل مع مؤسسات الدولة وفق منطق الشخصنة والمقايضة والترضيات هو ضرب فاضح لسيادة القانون و لتغليب المصلحة الاقتصادية العليا للوطن و ارتجال في الاداء يربك الوضع الاقتصادي الهش لبلادنا .
الانتكاسة الثانية : اقتراح المناشد عوض الكفء في منصب محافظ البنك المركزي 
في تواصل لموجة استقطاب رموز المنظومة السابقة واستعمالهم لتسيير شؤون الحزب الحاكم مستغلا خبرتهم الطويلة في الولاء الاعمى وذلك بالزج بهم في مفاصل الادارة و المؤسسات العمومية الوطنية و مقايضة ولائهم بالصمت والطاعة لم تهدئ موجة الاستياء من اقالة رجل مشهود له بالكفاءة كمحافظ البنك المركزي ليتم اقتراح اسم جديد مشفوع من احد مستشاري رئاسة الجمهورية بعلامة " نظيف " رغم أن الرجل الف الكتب و حاضر المحاضرات تمجيدا لبن علي وعهده وهو الذي أثنى على المناخ الديمقراطي الذي تنعم به تونس في ظل بن علي وهو الذي ساند من مجلس المستشارين قانونا يخون المعارضة ...فخيرت بالتالي بين عزل المفيد للإقتصاد الوطني و ستضع المفيد للخيار الحزبي.
الانتكاسة الثالثة : الترخيص لحزب يكفّر الديمقراطية و يدعو الى نظام قروسطي.
ان الديمقراطية عكس ما يتصوره الجميع لا تتسع الا لمن يقبل بها وتقصي مادونه وخاصة من يعمل على طمسها والقضاء عليها ، حزب التحرير الذي منحته النهضة تاشيرة هو حزب يكفّر الديمقراطية ويعتبرها بضاعة غربية ولا يعترف بالراية الوطنية و يصفها بالخرقة كما جاء على لسان امين عام الحزب و أكثر من ذلك لا يعترف بالوطنية و يرفع شعار " لا وطنية ولا قومية نريد خلافة اسلامية " ، هذا النظام الذي يدعو له حزب التحرير يقوم على حكم الفرد الواحد او ما يسميه بالخليفة ويضفي عليه قداسة بحيث تنتفي معارضته بل صرحت قيادات الحزب صراحة ان وصوله للسلطة يعني الغاء كل معارضة لا تستند للدين مرجعا لها... ان الاشكال القائم ليس في مبادئ حزب التحرير ذاتها ففي كل الدول تدعو مجموعات بشرية الي انظمة بدائية ومتطرفة عن الديمقراطية بل عنصرية في بعض الدول لكن ما هو غير عادي ان تمنح النهضة تأشيرة نشاط رسمية لمن يعادي الديمقراطية ورموز الوطن والنظام الجمهوري وهو تحالف ضمني يهدف للإطاحة بمكتسبات الشعب التونسي المدنية والحداثية و الهروب بها الى انماط قروسطية اثبتت محاولات تطبيقها في عدة دول الوجه الدموي والاستبدادي الفضيع  وهو ما يضع ايمان الحركة الحاكمة بالديمقراطية محل تسائل .
الانتكاسة الرابعة : التضييق على رواد المقاهي و الاعتداء على الحريات الفردية وحرية المعتقد .
اعتاد التونسي ان يصوم شهر رمضان بطريقته حيث يعتبره اكثر من عبادة بل من بين العادات يشارك فيها حتى غير الصائمين ، كما اعتاد استنكار علنية الافطار ، في نفس الوقت تعود على وجود محلات بالمدن الكبرى تفتح ابوابها للمفطرين على اختلافهم من غير المسلمين ومسلمين غير ممارسين و مرضى و عاجزين و مسافرين و غيرهم ، هذه المحلات التي تتستر احتراما لشعور الصائم وفي نفس الوقت توفر فضاء يغني المفطر عن الجهر بافطاره في الطريق العام وتقدم خدمة اعتادها التونسي واصبحت جزء من المشهد اليومي .
ما استجد هذه السنة تماشيا مع موجة التدخل في شؤون الاخرين التي دأبت عليها مجموعات تدعي تدينها هو الهجوم على بعض المحلات كما حدث في جندوبة و التهديد باغلاق أخرى بمدينة تونس مما حدى بالسلطة الى القيام بحملة لاغلاق بعض المطاعم خضوعا لإرادة هذه المجموعات وتعديا على حق المواطن في ارتياد هذه الفضاءات بل حقه في ممارسة عبادة الصوم من عدمه باعتباره شأنا شخصيا لا دخل لغيره فيه و يتعلل هؤلاء بقولة شائعة في مثل هذا الشهر وهي " اذا عصيتم فاستتروا " التي يعتقد أغلب الناس انها نصا دينيا فضلا عن ان مرتادي هذه المحلات ليسو بالضرورة عصاة حتى بالمفهوم الديني ذلك ان المسافر والمريض مرخص له بصريح الايات و لا احد من حقه اجباره لا على الصوم ولا على الافطار ، ماهو حري بالاهتمام في هذه المسألة ليس مجرد قرار من وزارة الداخلية بغلق محل يقدم وجبات للمفطرين في رمضان بقدر ماهو مدخل خطير للاستجابة لضغوطات المجموعات المتشددة في عملها على التضييق على الحريات اضافة الى تدخل السلطة التنفيذية في حرية المعتقد لدى الناس فالصوم والصلاة وغيرهما ممارسات فردية تهم العبد وربه و مهمة الدولة حماية هذه المحلات كفضاءات عامة و حماية مرتاديها و ضمان الحرية الفردية لكل مواطن متعبدا او غير متعبد لكي لا ننزلق نحو نماذج متخلفة كما في بعض الاقطار العربية والوصاية على المواطنين بما يشبه الشرطة العقائدية .
ان ما يزيد من خطورة زلات الحكومة المؤقتة ليست هفواتها العابرة و الظرفية بل العمل الممنهج على تغيير المجتمع وفرض نمط عيش غريب عن تقاليد الشعب التونسي باختلاق أزمات مفتعلة ذات علاقة بالعقيدة التي طالما كان التونسي متصالحا معها ومع نفسه ، و اتخاذ مثل هذه القرارات الاقتصادية والسياسية المرتجلة يجعل منها انتكاسات فعلية أمام المسار الديمقراطي و السلم الاجتماعي في البلاد.
25 <7<2012

الأحد، 15 يوليو 2012

من تاريخ اليسار التونسي : " بوشكارة " جريدة عمال الرصيف 1928 صوت العامل وصوت اليسار .


من تاريخ اليسار التونسي : " بوشكارة " جريدة عمال الرصيف 1928 صوت العامل وصوت اليسار .

في احدى الوثائق القديمة عثرت على مقال عمره حولي 30 سنة لأستاذنا القدير العميد الحبيب الكزدغلي ، بعنوان " بوشكارة" يعود فيه أكثر من نصف قرن لبدايات الحراك الفكري والسياسي التونسي و خاصة الحراك العمالي و اليساري بالبلاد .
بوشكارة هو ذلك العامل المفقّر الذي لا يملك من الدنيا غير جهده ولا يملك من الحقوق غير اجر يقيه الموت هو و عياله ليعود من جديد للكد في اليوم الموالي ، انه عامل الرصيف الذي لم يجد من الثياب ما يقي جسده حر الصيف وما يصمد في وجه الشقاء الذي لا ينقطع، بوشكارة اذن هو ذلك البروليتاري المعدم الذي يجعل من الكيس " الشكارة " لباسا له .
ما يلفت الانتباه هو ان هذا العامل له استعداد للنضال من اجل حقوقه يضاهي صبره على الاستغلال الذي يتعرض له ، ومن هنا كانت " بوشكارة " نشرية ناطقة باسم الخلية الشيوعية لعملة الرصيف سنة 1928  [i] ، هذه الصحيفة تعرف نفسها على انها صوت عمال الرصيف و " محرريها يعملون معكم كل يوم ويقاسمونكم الامكم وحياتكم الصعبة ، ان هدفه تعرية حالتكم البائسة وحالة الشركات الإستعمارية التي تثري عن طريق عرق جبينكم ..."
هذه الصحيفة الشهرية لا تستغل فقر العمال للإتجار السياسي بل تكشف بصريح العبارة عن هويتها السياسية وخطها وتقول :"ان هذه الصحيفة هي لسان الخلية الشيوعية بالرصيف التي تعمل من أجلكم وتوضح لكم أن الحزب الشيوعي يناضل من أجل استقلال البلاد وتحرير العمال "
تتناول الجريدة لا فقط الإهتمامات اليومية لعامل الرصيف بل تتجاوز ذلك الى القضية الوطنية قضية الاستعمار ونهب خيرات البلاد واستغلال طاقاتها وثرواتها و تقول " ان تصدير الحبوب سيبدأ عن قريب والحصيلة تبدو وافرة للمعمرين الذين سيفرضون عليكم القيام ب 12 ساعة عمل في اليوم مقابل 10 فرنكات ، ان الارض التونسية أصبحت مصدر اثراء للمعمرين والشركات الكبرى الاستعمارية ومصدر تعاسة وفقر للعمال التونسيين .."
وفي الشان السياسي تقوم الجريدة بتوعية العمال بالقضية الوطنية " ان قيام ذاتية لبلادنا لن تتحقق الا بالتحرر من الاستعمار وان الاستقلال لن يمنح عن طيب خاطر بل بالقوة " كما تقوم بتوعية نقابية لعمال الرصيف وتعمل على دفعهم للتنظم النقابي " ان الراسماليين الذين يستغلون الموانئ التونسية هم على غاية من التنظيم والوحدة ونحن بدورنا يجب ان نكون صفا واحدا ، ان عمال الرصيف بصفاقس يريدون الاتحاد معنا فعلينا عقد مؤتمر وتكوين الكنفدرالية العامة لعمال الرصيف ..."
وباعتبار اقتران القضية الوطنية والنضال ضد الاستعمار بالعمل السياسي فان صحيفة " بوشكارة " تدعو قرائها الى الانتظام السياسي في حزب عمالي يضمن لهم الدفاع عن مطالبهم و المطالبة بالاستقلال الهدف الأسمى " فعلى كل الذين فهموا واقتنعوابقيمة نظريتنا ان ينخرطوا ويدعموا صفوف الحزب الشيوعي ، الحزب الذي أكد بكل وضوح مطالبته بالاستقلال ."
ان هذه الأسطر القليلة من صحيفة منسية مرّ عليها ما يقارب قرنا من الزمن تكشف تجذّر النضال النقابي و اليساري الشيوعي في هذه البلاد و تكشف المطالبة المبكرة للشيوعيين بالاستقلال و في ذات الوقت نشر الوعي الوطني في صفوف عامة الشعب وخاصة الوعي النقابي وتخريطهم في المطالبة بحقوقهم من المستعمر ، كما تكشف هذه الصحيفة عراقة العمل الاعلامي والنضال بالقلم في تاريخ تونس وخاصة الصحف والنشريات اليسارية التي كانت قريبة من هموم العمال بل نابعة منهم وتبين بما لا يدعو مجالا للشك الوعي المبكر للحزب الشيوعي التونسي بضرورة المطالبة بالاستقلال وانهاء حالة النهب الاستعماري ، ان تاريخ بلادنا في حاجة الى المراجعة الجذرية و اعادة الاعتبار لمن تعرض للتغييب الممنهج خاصة تاريخ اليسار التونسي .
محمد المناعي :15 جويلية 2012 



[i]  مقتطف من مقال الاستاذ الحبيب الكزدغلي ، الطريق الجديد 26 جوان 1983
المصادر :الطريق الجديد 26 جوان 1983 ، مقال بعنوان بوشكارة ،الحبيب الكزدغلي.
ملاحظة :المقتطفات من جريدة بوشكارة فقط مأخوذة من المقال المذكور
.