الثلاثاء، 31 يوليو 2012

حركة النهضة : السطو المنظّم على الدولة التونسية وفق منطق الغنيمة


حركة النهضة : السطو المنظّم على الدولة التونسية وفق منطق الغنيمة


ما انفكت حركة النهضة منذ توليها السلطة الانتقالية بالبلاد التعامل مع الدولة وفق منطق غنيمة الحرب ، انطلاقا من النزعة الهيمنية على مفاصل الادارة وصولا الى ملف التعويضات و اهدار المال العام مرورا بمحاولات تركيع الاعلام و واغراق المشهد السياسي  بأحزاب معادية للجمهورية  وفي كل ذلك تصم اذانها عن كل الاصوات المحتجة سواء من مكونات المجتمع المدني او من المعارضة او من المواطن مؤذنة بانطلاق مشروع منظم يستهدف هيكل الدولة والادارة و طبيعة المشهد السياسي والاجتماعي .
مع تواتر الأحداث وتتالي حماقاتها تعوّل الترويكا الحاكمة على عامل النسيان وقلة اهتمام المواطن الذي اصبح رهين اليومي وما تتداوله وسائل الاعلام بقطع النظر عن خطورة عثرات الحكومة التي اصبح لاحقها يغطي سابقها ويزيله من سطح الاحداث ،فاعتداءات 9 أفريل و قضية الميليشيات سرعان ما طمست من المشهد امام شطحات السلفية و الاعتداء على الحريات العامة لتثار مسالة بيع الإعلام العمومي و اعتصام مؤسسة التلفزة وما صاحبه من عنف وتجاذب اعلامي سرعان ماتم تجاوزه لقضية الاعتداء على جرحى الثورة ومنها للسلفية من جديد ثم وجدي غنيم وختان البنات وتسريب امتحان الباكالوريا ومنها لأحداث العبدلية فتسليم البغدادي المحمودي فاقالة محافظ البنك المركزي فتعيين محافظ مناشد فاعتقال نقابيي صفاقس فملف التعويضات ...وننتظر حدثا مفتعلا تغطي به الحكومة عن حدة ردة فعل المجتمع حول الملف الراهن.
بعد فشل محاولاتها المتكررة السطو على الاعلام انطلقت حركة النهضة مدعومة بالحزبين المواليين لها الى الهيمنة على الجهاز الاداري و ذلك بتعلة " التطهير " وهي كلمة حق أريد بها باطل فعطلت ملف المحاسبة والعدالة الانتقالية لتترك ملفات الفاسدين ورقة ضغط تفرز اما موال لسياستها وقراراتها وبالتالي يتحصّل على علامة " تجمعي نظيف" أو مستعص على الدخول في بيت الطاعة و بالتالي تشغيل الة التطهير ليعوض بموال او بأحد ابناء الحركة ، ولم يسلم من هذا الاسلوب اي مفصل من مفاصل الادارة فضلا عن المناصب ذات الصبغة السياسية فالنيابات الخصوصية للبلديات تم اعادة تشكيلها وفق المحاصصة والولاء وتعيين المعتمدين والولاة كذلك وصولا الى رؤساء المصالح في مؤسسات الدولة واخيرا تمرير قانون لاغراق الوظيفة العمومية بسجنائها السابقين وابنائهم ضاربة عرض الحائط عنصر الكفاءة و مهما كانت احتجاجات وملاحظات الملاحظين  فبعد فضيحة محافظ البنك المركزي لم يعد امام الترويكا من حرج في تعيين اي كان في اي منصب .
في اطار الاجندا طويلة المدى التي تعمل النهضة على تنفيذها و التي من بين اهدافها تغيير المجتمع و ضرب الموروث الحداثي للمجتمع التونسي و ضرب قيم المدنية والجمهورية في تقاليد الدولة التونسية تعمل منذ توليها السلطة الانتقالية على اغراق المجتمع المدني بمئات من الجمعيات والمنظمات التي تعتبر امتدادا لهياكلها الحزبية خاصة تلك التي تعمل تحت غطاء الجمعيات الخيرية التي تحترف جمع الاموال في ظل غياب تام لكل رقابة و تتبع لمصادر مواردها ، كما عملت مؤخرا على السماح لأربعة احزاب بتأشيرة النشاط القانوني وهي احزاب تصرح في وثائقها وعلى لسان زعمائها تناقضها مع الطابع المدني للدولة و عدم التزامها بالنظام الجمهوري و الدعوة لانماط حكم فردية تيوقراطية مستوردة من العصور الوسطى هذه الاحزاب واخرها حزب التحرير وحزب الرحمة السلفي تمثل الحزام الايديولوجي لحركة النهضة الذي يقوم بالدور التعبوي لمشروع الاسلام السياسي و السند الفعلي في الشارع والمجتمع مع كل خطوة نحو تغيير السلوك الاجتماعي للتونسي طوعا او كرها .
المظهر الثالث لإعتماد منطق الغنيمة و السطو على المال العام و الانتفاع بمقدرات البلاد مع تعطيل المشاريع التنموية والتشغيل هو ملف التعويض وما رصد اليه من مئات المليارات ستصرف لسجناء النهضة ذلك ان أغلب مناضلي اليسار صرحوا علانية بعدم مقايضة نضالهم بالمال ، في حين يقدم سجناء الحركة الاسلاموية في تونس اليوم فاتورة نشاطهم للشعب التونسي ليتقاضوا أجرا على ما يقولون انه نضالا والحال ان الملف شائك تتخلله قضايا اجرامية فعلية وقضايا حق عام و أعمال تدخل تحت طائلة القانون سواء في ظل نظام استبدادي او ديمقراطي فضلا عن ان " نضال" هؤلاء لم يكن يوما من اجل الشعب التونسي لا من أجل العدالة الاجتماعية ولا من أجل التشغيل ولا ضد التهميش بل من أجل مشروع دولة تيوقراطية هم أنفسهم تخلو عنه – ظاهريّا على الاقل – فالتعويض حق لمن اجبر على السفر أن يعود ولمن اطرد من عمله أن يسترجعه ومن عذب ان يحاسب من عذبه ومن ناضل من أجل قضية عادلة ان يكرّم ، لا أن يصبح قضية للمتاجرة ومصدرا للتمعش من المال العام على حساب التنمية والكرامة التي من أجلها ثار الثائرون ودونها سقط الشهداء .
ان منطق الغنيمة الذي يدفع حركة النهضة للهيمنة على السلطة والادارة والمجتمع يعيد الى الاذهان الخطاب الاخواني الاصولي الذي نشات منه والذي يعتبر السلطة المدخل الضروري لتغيير المجتمع " الذي يعيش في جاهلية " كما يقول سيد قطب ، ومن هنا فان مهمة الجميع من احزاب ديمقراطية ومجتمع مدني الوقوف ضد عملية الهدم المنظم للدولة و لقيم الجمهورية وضد هذا السطو الواضح على مقدرات الدولة وتوظيفها خدمة للمصالح الحزبية الضيقة فالقوى المناضلة التي حررت البلاد من نير الاستعمار ثم من سطوة الإستبداد قادرة على حمايتها من المد الرجعي .
31 جويلية 2012 بقلم المناعي ،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق