الثلاثاء، 31 يوليو 2012

حركة النهضة : السطو المنظّم على الدولة التونسية وفق منطق الغنيمة


حركة النهضة : السطو المنظّم على الدولة التونسية وفق منطق الغنيمة


ما انفكت حركة النهضة منذ توليها السلطة الانتقالية بالبلاد التعامل مع الدولة وفق منطق غنيمة الحرب ، انطلاقا من النزعة الهيمنية على مفاصل الادارة وصولا الى ملف التعويضات و اهدار المال العام مرورا بمحاولات تركيع الاعلام و واغراق المشهد السياسي  بأحزاب معادية للجمهورية  وفي كل ذلك تصم اذانها عن كل الاصوات المحتجة سواء من مكونات المجتمع المدني او من المعارضة او من المواطن مؤذنة بانطلاق مشروع منظم يستهدف هيكل الدولة والادارة و طبيعة المشهد السياسي والاجتماعي .
مع تواتر الأحداث وتتالي حماقاتها تعوّل الترويكا الحاكمة على عامل النسيان وقلة اهتمام المواطن الذي اصبح رهين اليومي وما تتداوله وسائل الاعلام بقطع النظر عن خطورة عثرات الحكومة التي اصبح لاحقها يغطي سابقها ويزيله من سطح الاحداث ،فاعتداءات 9 أفريل و قضية الميليشيات سرعان ما طمست من المشهد امام شطحات السلفية و الاعتداء على الحريات العامة لتثار مسالة بيع الإعلام العمومي و اعتصام مؤسسة التلفزة وما صاحبه من عنف وتجاذب اعلامي سرعان ماتم تجاوزه لقضية الاعتداء على جرحى الثورة ومنها للسلفية من جديد ثم وجدي غنيم وختان البنات وتسريب امتحان الباكالوريا ومنها لأحداث العبدلية فتسليم البغدادي المحمودي فاقالة محافظ البنك المركزي فتعيين محافظ مناشد فاعتقال نقابيي صفاقس فملف التعويضات ...وننتظر حدثا مفتعلا تغطي به الحكومة عن حدة ردة فعل المجتمع حول الملف الراهن.
بعد فشل محاولاتها المتكررة السطو على الاعلام انطلقت حركة النهضة مدعومة بالحزبين المواليين لها الى الهيمنة على الجهاز الاداري و ذلك بتعلة " التطهير " وهي كلمة حق أريد بها باطل فعطلت ملف المحاسبة والعدالة الانتقالية لتترك ملفات الفاسدين ورقة ضغط تفرز اما موال لسياستها وقراراتها وبالتالي يتحصّل على علامة " تجمعي نظيف" أو مستعص على الدخول في بيت الطاعة و بالتالي تشغيل الة التطهير ليعوض بموال او بأحد ابناء الحركة ، ولم يسلم من هذا الاسلوب اي مفصل من مفاصل الادارة فضلا عن المناصب ذات الصبغة السياسية فالنيابات الخصوصية للبلديات تم اعادة تشكيلها وفق المحاصصة والولاء وتعيين المعتمدين والولاة كذلك وصولا الى رؤساء المصالح في مؤسسات الدولة واخيرا تمرير قانون لاغراق الوظيفة العمومية بسجنائها السابقين وابنائهم ضاربة عرض الحائط عنصر الكفاءة و مهما كانت احتجاجات وملاحظات الملاحظين  فبعد فضيحة محافظ البنك المركزي لم يعد امام الترويكا من حرج في تعيين اي كان في اي منصب .
في اطار الاجندا طويلة المدى التي تعمل النهضة على تنفيذها و التي من بين اهدافها تغيير المجتمع و ضرب الموروث الحداثي للمجتمع التونسي و ضرب قيم المدنية والجمهورية في تقاليد الدولة التونسية تعمل منذ توليها السلطة الانتقالية على اغراق المجتمع المدني بمئات من الجمعيات والمنظمات التي تعتبر امتدادا لهياكلها الحزبية خاصة تلك التي تعمل تحت غطاء الجمعيات الخيرية التي تحترف جمع الاموال في ظل غياب تام لكل رقابة و تتبع لمصادر مواردها ، كما عملت مؤخرا على السماح لأربعة احزاب بتأشيرة النشاط القانوني وهي احزاب تصرح في وثائقها وعلى لسان زعمائها تناقضها مع الطابع المدني للدولة و عدم التزامها بالنظام الجمهوري و الدعوة لانماط حكم فردية تيوقراطية مستوردة من العصور الوسطى هذه الاحزاب واخرها حزب التحرير وحزب الرحمة السلفي تمثل الحزام الايديولوجي لحركة النهضة الذي يقوم بالدور التعبوي لمشروع الاسلام السياسي و السند الفعلي في الشارع والمجتمع مع كل خطوة نحو تغيير السلوك الاجتماعي للتونسي طوعا او كرها .
المظهر الثالث لإعتماد منطق الغنيمة و السطو على المال العام و الانتفاع بمقدرات البلاد مع تعطيل المشاريع التنموية والتشغيل هو ملف التعويض وما رصد اليه من مئات المليارات ستصرف لسجناء النهضة ذلك ان أغلب مناضلي اليسار صرحوا علانية بعدم مقايضة نضالهم بالمال ، في حين يقدم سجناء الحركة الاسلاموية في تونس اليوم فاتورة نشاطهم للشعب التونسي ليتقاضوا أجرا على ما يقولون انه نضالا والحال ان الملف شائك تتخلله قضايا اجرامية فعلية وقضايا حق عام و أعمال تدخل تحت طائلة القانون سواء في ظل نظام استبدادي او ديمقراطي فضلا عن ان " نضال" هؤلاء لم يكن يوما من اجل الشعب التونسي لا من أجل العدالة الاجتماعية ولا من أجل التشغيل ولا ضد التهميش بل من أجل مشروع دولة تيوقراطية هم أنفسهم تخلو عنه – ظاهريّا على الاقل – فالتعويض حق لمن اجبر على السفر أن يعود ولمن اطرد من عمله أن يسترجعه ومن عذب ان يحاسب من عذبه ومن ناضل من أجل قضية عادلة ان يكرّم ، لا أن يصبح قضية للمتاجرة ومصدرا للتمعش من المال العام على حساب التنمية والكرامة التي من أجلها ثار الثائرون ودونها سقط الشهداء .
ان منطق الغنيمة الذي يدفع حركة النهضة للهيمنة على السلطة والادارة والمجتمع يعيد الى الاذهان الخطاب الاخواني الاصولي الذي نشات منه والذي يعتبر السلطة المدخل الضروري لتغيير المجتمع " الذي يعيش في جاهلية " كما يقول سيد قطب ، ومن هنا فان مهمة الجميع من احزاب ديمقراطية ومجتمع مدني الوقوف ضد عملية الهدم المنظم للدولة و لقيم الجمهورية وضد هذا السطو الواضح على مقدرات الدولة وتوظيفها خدمة للمصالح الحزبية الضيقة فالقوى المناضلة التي حررت البلاد من نير الاستعمار ثم من سطوة الإستبداد قادرة على حمايتها من المد الرجعي .
31 جويلية 2012 بقلم المناعي ،

الأحد، 29 يوليو 2012

المعلم لن يتنازل عن حقه في الاضراب وفي العيش الكريم معا



المعلم لن يتنازل عن حقه في الاضراب وفي العيش الكريم معا
المعلّم الذي يعاني يوميا في الارياف والمناطق النائية من أجل نشر العلم والمعرفة .
المعلّم الذي يضحي من مال ابنائه من أجل توفير ادنى ادوات العمل في مدارس غير مجهزة وتلاميذ مفقّرة .
المعلم الذي يقوم طوال السنة الدراسية بدور المدرّس والمربي والاب يعاني تعسف الادارة و ضغط الولي .
المعلّم الذي يطمح الى العيش بكرامة هو وابنائه من مرتب لا يسمن ولا يغني من جوع .
المعلم الذي يحمل فوق هموم التدريس هموم القطاع وهموم مستقبل هذا الوطن الذي لا صلاح له بدون اصلاح المدرسة .
المعلّم الذي يناضل في المدرسة من اجل نشر العلم و في المجتمع من اجل نشر الوعي ...
المعلّم الذي اضطر و يضطر لخوض كل الاشكال النضالية من أجل الدفاع عن شرف مهنته ومطالب قطاعه المشروعة .
المعلّم الذي عانى من فساد الوزراء والادارة وعانى من المحسوبية والرشوة وعانى من التعسف والتجاهل .
تحرّك كما تحرك من قبل و أضرب كما أضرب من قبل، لم تكن السلطة قبل الثورة لتعتبر ان اضرابه شرعي و انه يمارس حقا لا تنازل عنه بل كانت تعتبره ممتنعا عن العمل ولا تستجيب للادنى الا بعد أن يمارس أقصى الاشكال النضالية .
اليوم تعود الوزارة لنفس الممارسة وتضرب عرض الحائط بالحق النقابي وحق الاضراب وحق العيش الكريم ، تماطل المعلم في مطالبه ، تضطره للأضراب الاول والثاني ، تضطره للاحتجاج من جديد ثم تستهدفه في لقمة ابنائه بخصم 3 ايام من مرتبه الضئيل ، الاضراب لم يكن يوما امتناعا عن العمل بل هو اصرار على العمل في ظروف كريمة ومناسبة هو الاصرار على العمل الكريم و رفض للاستهانة بمطالب المعلم ،  واليوم التحرك ضروري لتاكيد هذا الحق ومواصلة النضال من اجله .
الدعوة موجهة لكل معلّم بل لكل مربي للإحتجاج على هذا القرار الغاشم الصادر عن وزارة التربية والرامي الى تركيع اكبر قطاع في البلاد ، الدعوة لكل المربين و في مقدمتهم المعلمين الى التنسيق مع نقاباتهم الاساسية والجهوية والعامة و تنظيم وقفات احتجاجية امام المندوبيات الجهوية ، وهذا طبعا لا يكفي لذلك على كل الهياكل النقابية رص صفوفها والاعتصام بالمندوبيات الجهوية على اثر الوقفات الاحتجاجية اعتصاما مفتوحا الى حين التراجع عن هذا القرار الجائر ،دامت نضالات المربين معلمين واساتذة .
المناعي
29 جويلية 2012

الأربعاء، 25 يوليو 2012

مؤشرات "الدكتاتورية الناشئة " تعطي أكلها في أقل من أسبوع


مؤشرات "الدكتاتورية الناشئة " تعطي أكلها في أقل من أسبوع
محمد المناعي
من الاشارات الربانية الى الخلافة السادسة الى دكتاتوريتنا الناشئة زلات لسان ميّزت رئيس حكومتنا المؤقتة كما ميزت زلات حكومته في مجال التنمية و التشغيل و احترام حقوق الانسان مقابل الانتهاكات المتكررة للقانون و للحريات و الارتجال و السير الى الوراء بخطى ثابتة ، في ظرف اسبوع من الزمن ترتكب الحكومة خطأ اقتصاديا و خطأ سياسيا و تجاوز للحقوق والحريات الفردية في انتكاسات متتالية تنبؤ بتهديد المسار الديمقراطي .
الانتكاسة الاولى : اقالة محافظ البنك المركزي .
لم تمضي ايام على المدح والثناء الذي منّت به التشكيلة الحكومية على السيد مصطفى كمال النابلي لشخصه ولكفاءته قبل ان تصدر الاوامر الفوقية فتحول فجأة الى المسؤول الذي تسبب في كل ما فشلت فيه الحكومة الحالية و حتى السابقة الى درجة ان احدى النائبات النهضويات حملته مسؤولية الخوصصة في التسعينات ، هذه الاقالة بمبررات مضحكة لم تشفع للحكومة اخفاء المقايضة الطفولية بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ، بين غظ الطرف عن تسليم البغدادي المحمودي و اطلاق يد رئيس الجمهورية ليثبت ذاته عبر اقالة محافظ البنك المركزي مستندا لاغلبية مريحة في المجلس تصوت وفق انضباط عسكري ملفت .
هذا التعامل مع مؤسسات الدولة وفق منطق الشخصنة والمقايضة والترضيات هو ضرب فاضح لسيادة القانون و لتغليب المصلحة الاقتصادية العليا للوطن و ارتجال في الاداء يربك الوضع الاقتصادي الهش لبلادنا .
الانتكاسة الثانية : اقتراح المناشد عوض الكفء في منصب محافظ البنك المركزي 
في تواصل لموجة استقطاب رموز المنظومة السابقة واستعمالهم لتسيير شؤون الحزب الحاكم مستغلا خبرتهم الطويلة في الولاء الاعمى وذلك بالزج بهم في مفاصل الادارة و المؤسسات العمومية الوطنية و مقايضة ولائهم بالصمت والطاعة لم تهدئ موجة الاستياء من اقالة رجل مشهود له بالكفاءة كمحافظ البنك المركزي ليتم اقتراح اسم جديد مشفوع من احد مستشاري رئاسة الجمهورية بعلامة " نظيف " رغم أن الرجل الف الكتب و حاضر المحاضرات تمجيدا لبن علي وعهده وهو الذي أثنى على المناخ الديمقراطي الذي تنعم به تونس في ظل بن علي وهو الذي ساند من مجلس المستشارين قانونا يخون المعارضة ...فخيرت بالتالي بين عزل المفيد للإقتصاد الوطني و ستضع المفيد للخيار الحزبي.
الانتكاسة الثالثة : الترخيص لحزب يكفّر الديمقراطية و يدعو الى نظام قروسطي.
ان الديمقراطية عكس ما يتصوره الجميع لا تتسع الا لمن يقبل بها وتقصي مادونه وخاصة من يعمل على طمسها والقضاء عليها ، حزب التحرير الذي منحته النهضة تاشيرة هو حزب يكفّر الديمقراطية ويعتبرها بضاعة غربية ولا يعترف بالراية الوطنية و يصفها بالخرقة كما جاء على لسان امين عام الحزب و أكثر من ذلك لا يعترف بالوطنية و يرفع شعار " لا وطنية ولا قومية نريد خلافة اسلامية " ، هذا النظام الذي يدعو له حزب التحرير يقوم على حكم الفرد الواحد او ما يسميه بالخليفة ويضفي عليه قداسة بحيث تنتفي معارضته بل صرحت قيادات الحزب صراحة ان وصوله للسلطة يعني الغاء كل معارضة لا تستند للدين مرجعا لها... ان الاشكال القائم ليس في مبادئ حزب التحرير ذاتها ففي كل الدول تدعو مجموعات بشرية الي انظمة بدائية ومتطرفة عن الديمقراطية بل عنصرية في بعض الدول لكن ما هو غير عادي ان تمنح النهضة تأشيرة نشاط رسمية لمن يعادي الديمقراطية ورموز الوطن والنظام الجمهوري وهو تحالف ضمني يهدف للإطاحة بمكتسبات الشعب التونسي المدنية والحداثية و الهروب بها الى انماط قروسطية اثبتت محاولات تطبيقها في عدة دول الوجه الدموي والاستبدادي الفضيع  وهو ما يضع ايمان الحركة الحاكمة بالديمقراطية محل تسائل .
الانتكاسة الرابعة : التضييق على رواد المقاهي و الاعتداء على الحريات الفردية وحرية المعتقد .
اعتاد التونسي ان يصوم شهر رمضان بطريقته حيث يعتبره اكثر من عبادة بل من بين العادات يشارك فيها حتى غير الصائمين ، كما اعتاد استنكار علنية الافطار ، في نفس الوقت تعود على وجود محلات بالمدن الكبرى تفتح ابوابها للمفطرين على اختلافهم من غير المسلمين ومسلمين غير ممارسين و مرضى و عاجزين و مسافرين و غيرهم ، هذه المحلات التي تتستر احتراما لشعور الصائم وفي نفس الوقت توفر فضاء يغني المفطر عن الجهر بافطاره في الطريق العام وتقدم خدمة اعتادها التونسي واصبحت جزء من المشهد اليومي .
ما استجد هذه السنة تماشيا مع موجة التدخل في شؤون الاخرين التي دأبت عليها مجموعات تدعي تدينها هو الهجوم على بعض المحلات كما حدث في جندوبة و التهديد باغلاق أخرى بمدينة تونس مما حدى بالسلطة الى القيام بحملة لاغلاق بعض المطاعم خضوعا لإرادة هذه المجموعات وتعديا على حق المواطن في ارتياد هذه الفضاءات بل حقه في ممارسة عبادة الصوم من عدمه باعتباره شأنا شخصيا لا دخل لغيره فيه و يتعلل هؤلاء بقولة شائعة في مثل هذا الشهر وهي " اذا عصيتم فاستتروا " التي يعتقد أغلب الناس انها نصا دينيا فضلا عن ان مرتادي هذه المحلات ليسو بالضرورة عصاة حتى بالمفهوم الديني ذلك ان المسافر والمريض مرخص له بصريح الايات و لا احد من حقه اجباره لا على الصوم ولا على الافطار ، ماهو حري بالاهتمام في هذه المسألة ليس مجرد قرار من وزارة الداخلية بغلق محل يقدم وجبات للمفطرين في رمضان بقدر ماهو مدخل خطير للاستجابة لضغوطات المجموعات المتشددة في عملها على التضييق على الحريات اضافة الى تدخل السلطة التنفيذية في حرية المعتقد لدى الناس فالصوم والصلاة وغيرهما ممارسات فردية تهم العبد وربه و مهمة الدولة حماية هذه المحلات كفضاءات عامة و حماية مرتاديها و ضمان الحرية الفردية لكل مواطن متعبدا او غير متعبد لكي لا ننزلق نحو نماذج متخلفة كما في بعض الاقطار العربية والوصاية على المواطنين بما يشبه الشرطة العقائدية .
ان ما يزيد من خطورة زلات الحكومة المؤقتة ليست هفواتها العابرة و الظرفية بل العمل الممنهج على تغيير المجتمع وفرض نمط عيش غريب عن تقاليد الشعب التونسي باختلاق أزمات مفتعلة ذات علاقة بالعقيدة التي طالما كان التونسي متصالحا معها ومع نفسه ، و اتخاذ مثل هذه القرارات الاقتصادية والسياسية المرتجلة يجعل منها انتكاسات فعلية أمام المسار الديمقراطي و السلم الاجتماعي في البلاد.
25 <7<2012

الأحد، 15 يوليو 2012

من تاريخ اليسار التونسي : " بوشكارة " جريدة عمال الرصيف 1928 صوت العامل وصوت اليسار .


من تاريخ اليسار التونسي : " بوشكارة " جريدة عمال الرصيف 1928 صوت العامل وصوت اليسار .

في احدى الوثائق القديمة عثرت على مقال عمره حولي 30 سنة لأستاذنا القدير العميد الحبيب الكزدغلي ، بعنوان " بوشكارة" يعود فيه أكثر من نصف قرن لبدايات الحراك الفكري والسياسي التونسي و خاصة الحراك العمالي و اليساري بالبلاد .
بوشكارة هو ذلك العامل المفقّر الذي لا يملك من الدنيا غير جهده ولا يملك من الحقوق غير اجر يقيه الموت هو و عياله ليعود من جديد للكد في اليوم الموالي ، انه عامل الرصيف الذي لم يجد من الثياب ما يقي جسده حر الصيف وما يصمد في وجه الشقاء الذي لا ينقطع، بوشكارة اذن هو ذلك البروليتاري المعدم الذي يجعل من الكيس " الشكارة " لباسا له .
ما يلفت الانتباه هو ان هذا العامل له استعداد للنضال من اجل حقوقه يضاهي صبره على الاستغلال الذي يتعرض له ، ومن هنا كانت " بوشكارة " نشرية ناطقة باسم الخلية الشيوعية لعملة الرصيف سنة 1928  [i] ، هذه الصحيفة تعرف نفسها على انها صوت عمال الرصيف و " محرريها يعملون معكم كل يوم ويقاسمونكم الامكم وحياتكم الصعبة ، ان هدفه تعرية حالتكم البائسة وحالة الشركات الإستعمارية التي تثري عن طريق عرق جبينكم ..."
هذه الصحيفة الشهرية لا تستغل فقر العمال للإتجار السياسي بل تكشف بصريح العبارة عن هويتها السياسية وخطها وتقول :"ان هذه الصحيفة هي لسان الخلية الشيوعية بالرصيف التي تعمل من أجلكم وتوضح لكم أن الحزب الشيوعي يناضل من أجل استقلال البلاد وتحرير العمال "
تتناول الجريدة لا فقط الإهتمامات اليومية لعامل الرصيف بل تتجاوز ذلك الى القضية الوطنية قضية الاستعمار ونهب خيرات البلاد واستغلال طاقاتها وثرواتها و تقول " ان تصدير الحبوب سيبدأ عن قريب والحصيلة تبدو وافرة للمعمرين الذين سيفرضون عليكم القيام ب 12 ساعة عمل في اليوم مقابل 10 فرنكات ، ان الارض التونسية أصبحت مصدر اثراء للمعمرين والشركات الكبرى الاستعمارية ومصدر تعاسة وفقر للعمال التونسيين .."
وفي الشان السياسي تقوم الجريدة بتوعية العمال بالقضية الوطنية " ان قيام ذاتية لبلادنا لن تتحقق الا بالتحرر من الاستعمار وان الاستقلال لن يمنح عن طيب خاطر بل بالقوة " كما تقوم بتوعية نقابية لعمال الرصيف وتعمل على دفعهم للتنظم النقابي " ان الراسماليين الذين يستغلون الموانئ التونسية هم على غاية من التنظيم والوحدة ونحن بدورنا يجب ان نكون صفا واحدا ، ان عمال الرصيف بصفاقس يريدون الاتحاد معنا فعلينا عقد مؤتمر وتكوين الكنفدرالية العامة لعمال الرصيف ..."
وباعتبار اقتران القضية الوطنية والنضال ضد الاستعمار بالعمل السياسي فان صحيفة " بوشكارة " تدعو قرائها الى الانتظام السياسي في حزب عمالي يضمن لهم الدفاع عن مطالبهم و المطالبة بالاستقلال الهدف الأسمى " فعلى كل الذين فهموا واقتنعوابقيمة نظريتنا ان ينخرطوا ويدعموا صفوف الحزب الشيوعي ، الحزب الذي أكد بكل وضوح مطالبته بالاستقلال ."
ان هذه الأسطر القليلة من صحيفة منسية مرّ عليها ما يقارب قرنا من الزمن تكشف تجذّر النضال النقابي و اليساري الشيوعي في هذه البلاد و تكشف المطالبة المبكرة للشيوعيين بالاستقلال و في ذات الوقت نشر الوعي الوطني في صفوف عامة الشعب وخاصة الوعي النقابي وتخريطهم في المطالبة بحقوقهم من المستعمر ، كما تكشف هذه الصحيفة عراقة العمل الاعلامي والنضال بالقلم في تاريخ تونس وخاصة الصحف والنشريات اليسارية التي كانت قريبة من هموم العمال بل نابعة منهم وتبين بما لا يدعو مجالا للشك الوعي المبكر للحزب الشيوعي التونسي بضرورة المطالبة بالاستقلال وانهاء حالة النهب الاستعماري ، ان تاريخ بلادنا في حاجة الى المراجعة الجذرية و اعادة الاعتبار لمن تعرض للتغييب الممنهج خاصة تاريخ اليسار التونسي .
محمد المناعي :15 جويلية 2012 



[i]  مقتطف من مقال الاستاذ الحبيب الكزدغلي ، الطريق الجديد 26 جوان 1983
المصادر :الطريق الجديد 26 جوان 1983 ، مقال بعنوان بوشكارة ،الحبيب الكزدغلي.
ملاحظة :المقتطفات من جريدة بوشكارة فقط مأخوذة من المقال المذكور
.

الانفلات في المساجد التونسية وعجز سلطة الاشراف



الانفلات في المساجد التونسية وعجز سلطة الاشراف
محمد المناعي
حلقة جديدة من حلقات الانفلات والعنف داخل المساجد شهدتها مدينة صفاقس في جامعها الكبير بعد ان عمدت مجموعة من الأفراد الى السطو على المسجد و الاستيلاء عليه بتغيير أقفاله ومنع امام الجمعة من اعتلاء المنبر وأداء مهامه ، كما عزلت امام الصلوات الخمس و ما صحب ذلك من تشنج وعنف متبادل داخل حرم الجامع و تحويله من فضاء للتعبّد مجمّع للمؤمنين الى فضاء للعنف السياسي والتجاذبات الايديولوجية ، هذه الأحداث تعيد من جديد الجدل حول تحييد دور العبادة عن الصراعات السياسية وحمايتها من المجموعات الاجرامية التي يمكن ان تعطل سير نشاطها وسلامة موظفيها و روادها .كما تطرح دور سلطة الاشراف و تهاونها في فرض القانون والمسك بزمام الأمور لإنهاء حالة الانفلات التي تردت فيها مساجدنا و الفضاء المشترك عموما .
يعتبر توظيف دور العبادة في تونس ليس بالأمر المستجد فقد مثلت المساجد اطارا للدعاية السياسية في العهد السابق بل لعبت حتى دورا أمنيا في تتبع المشبوهين و الاعتداء على حرية الفكر والمعتقد والانتماء السياسي ، بعد 14 جانفي من الطبيعي ان تحدث فوضى داخل المساجد وان يعمل روادها على اتخاذ موقف من الامام اما بالتثبيت او بالعزل خاصة في ظل غياب الدولة وحالة الانفلات العامة ، غير أن الملفت أن الفوضى سرعان ما اتخذت صبغة ايديولوجية وتحولت المساجد الى غنيمة و موطئ قدم لتيارات متشددة و أطراف سياسية ترى في المسجد امتدادا للحزب لنشر وجهة نظر معينة للدين والمجتمع والمرأة و السياسة و الاقتصاد والفن وغيرها وحتى هتك اعراض الناس والتدخل في شؤونهم الخاصة و توزيع صكوك الايمان والكفر على غير منهج .
لم تنجح مؤسسات الدولة في تجاوز عمليات الاستيلاء على دور العبادة وتحويلها الى فضاءات للتنازع المذهبي ولنشر الفتنة والفكر المتشدد الوافد من الدكاكين الفضائية الوهابية وغيرها وتواصلت المحاصصة بين من يركبون الدين لتبليغ فكرة سياسية الى درجة انخراط السلطة ذاتها في هذا النهج حيث يقوم أحد موظفيها الساميين برتبة وزير بامامة الناس لأداء صلاة الجمعة والحال أنه موظف مكلف بتطبيق برنامج الحكومة الذي صادق عليه المجلس التأسيسي برنامجا يهم جميع المواطنين على اختلاف مشاعرهم و ايمانهم واعتقادهم لا ترك ذلك و الجمع بين مهمتين مهمة سياسية ادارية ومهمة دينية ارشادية ، هذه اللخبطة ساهمت فيها السلطة بان نزلت الى الجوامع لتدعو الناس وترشدهم و جاءها الرد من منافسيها بان احتلوا بدورهم مساجد وروجوا لأنظمة حكم بدائية و كفرو المجتمع ودعوا في المنابر الى زعماء ارهابيين أمثال الظواهري وبن لادن وغيرهما كما حدث في جهة جندوبة اضافة الى الدعوة الى قتل رجال الأمن كما حدث بجامع الرحمة بنفس الجهة ولم تحرك وزارة الاشراف ساكنا سوى بالبيانات ومنها بيان 16 جوان الذي اشارت فيه الوزارة الى امكانية الإلتجاء لوزارة الداخلية لفرض القانون و اعادة الأيمة والاطارات الذين عينتهم الدولة .
لم تفلح لا بيانات وزارة الشؤون الدينية ولا تهديداتها بتطبيق القانون دون تطبيقه في الخروج من مأزق الانفلات داخل دور العبادة بل اكثر من ذلك أصبحت المجموعات التي تدعو للعنف تتحدى السلطة والوزارة والوزير نفسه كما حدث في مسجد حي الغزالة حين مني الوزير بفشل ذريع في التوسط لإعادة موظف من وزارته تم عزله من طرف مجموعة متشددة وبلغ الأمر حد " سرقة حذاء الوزير " في مشهد كاريكاتوري لهيبة الدولة و سيادة القانون ، وتواصل الأمر مع امام جامع الزيتونة الذي تورط في الدعوة الى اهدار دم الفنانين و تدخل في شان لا يعنيه وحرض على القتل ورفض قرار العزل الذي صرح به المستشار السياسي لوزير الشؤون الدينية وتحدى الوزير نفسه وعاد الى المنبر في الجمعة الموالية بل و نبه الوزير من مغبة التدخل في شؤون جامع الزيتونة .
هذا التسيب والتطاول على القانون لم يواجه سوى بالصمت والبيانات المنددة والحال ان اوكد مهام وزير الشؤون الدينية تدعيم اشراف الدولة على دور العبادة وفتح فضاءات للحوار بين هذه التيارات ذات الفكر الوافد المتشدد لا اهدائها المنابر لغسل أدمغة الشباب بترهات قروسطية لا علاقة لها بسماحة الدين الاسلامي ولا باعتدال الشعب التونسي وايمانه بالحرية ، بل ان وزارة الشؤون الدينية انخرطت في التجاذبات واصبحت طرفا في التنازع نتيجة تصريحات مسؤوليها ، على غرار العزم على التصدي لمذهب ديني اسلامي يؤمن به جزء من هذا الشعب تاريخيا وهو المذهب الشيعي في المقابل فتح المنابر امام دعاة شرقيين يستهزؤون بمكتسبات الشعب التونسي و يكفرون الديمقراطية التي ناضل من اجلها أجيال ، كما انخرطت في شأن لا يعنيها وهو تقييم الأعمال الفنية وتجريم الابداع بتعلة التعدي على المقدسات في حين تنتهك حرمة المساجد يوميا بالدعوة للعنف بل بالعنف ذاته اللفظي والمادي .
ورد في القرآن: و أن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا ( سورة الجن ) في دعوة واضحة لصيانة حرمة المساجد و بيان وظيفتها الأساسية كفضاء لممارسة العبادة غير أن أول من تجاوزه هم من يتدثرون بعباءة الدين لتمرير برامج سياسية و تبرير العنف و الاعتداء على الحريات ، مهما يكن من أمر فإن السلطة مدعوة لتفعيل مراقبة تطبيق القانون في المساجد انطلاقا من أمن المصلين الى أمن الاطارات العاملة بالمساجد من أئمة ومؤذنين ومرشدين وغيرهم وخاصة ضمان تحييد هذه الفضاءات عن كل دعاية حزبية او مذهبية وعن كل دعوة للعنف والتباغض دون المساس بالحريات الفردية كالانتماء السياسي او المذهبي بشكل يقوم المسجد بدوره كفضاء جامع لا فضاء للصراع و التنازع الإيديولوجي والسياسي .
14 جويلية 2012

الخميس، 12 يوليو 2012

من تاريخ اليسار التونسي : الاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي شاهد على عراقة العمل النقابي والنضال اليساري بالبلاد التونسية


من تاريخ اليسار التونسي :
الاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي شاهد على عراقة العمل النقابي والنضال اليساري بالبلاد التونسية
محمد المناعي
تعود بدايات العمل النقابي بالبلاد التونسية الى حوالي قرن من الزمن وهو شاهد على تجذر فكر الدفاع عن الطبقات الكادحة في هذه البلاد حيث كان اليسار قاطرة الحراك النقابي والتاطير العمالي و ساهم بفعالية في الحركة الوطنية عبر اجنحته السياسية المتمثلة خاصة في الحزب الشيوعي التونسي و اجنحته النقابية المختلفة وفي مقدمتها الاتحاد النقابي لعمال القطر التونسي فضلا عن المساهمة عبر الانتاج الفكري والأدبي واصدار الصحف والنشريات و مواجهة الغطرسة الاستعمارية و تجذير فكرة الوطنية والاستقلال في اذهان أجيال النصف الأول من القرن العشرين .
رغم المحاولات الأولى للعمل النقابي يقترن الظهور الفعلي للدفاع عن العمال بنهاية الحرب العالمية الأولى امتدادا للحراك النقابي الفرنسي وباقتسام بين قوى اليسار حيث هيمن الاشتراكيون على الكنفدرالية العامة للشغل والمعروفة اكثر ب س ج ت .
وهيمن الشيوعيين على الكنفدرالية العامة للعمل الموحد و انعكس ذلك بدوره على الانتماء النقابي للتونسيين .
بعد بعث محمد على الحامي جامعة عموم العملة التونسية سنة 1924 تباينت مواقف النقابات الفرنسية منها ففي حين رفضت الس ج ت التعامل مع الحامي ساند الشيوعيين التجربة الوطنية في العمل النقابي و شارك عدد منهم في تاسيس جامعة عموم العملة . وكانت سنة 1926 سنة القمع الذي طال الأطراف الشيوعية النقابية والسياسية فتم القبض على زعماء جامعة عموم العملة التونسية و قيادات الحزب الشيوعي التونسي ودخل العمل النقابي في ركود الى حين صدور مرسوم الباي لسنة 1932 الذي يسمح بعودة العمل النقابي .
في فرنسا توحدت الحركة النقابية سنة 1936 تحت اسم الجامعة العامة للشغل و توحدت ايضا امتداداتها في تونس حيث اغتنمت النقابات التونسية صعود الجبهة الشعبية اليسارية للحكم بفرنسا لتكثيف نشاطها خاصة ضمن الفرع التونسي للجامعة العامة للشغل الذي توحد بدوره بنصيب الثلثين للإشتراكيين والثلث للشيوعيين وبرز في تلك الفترة النقابي الشهيد فرحات حشاد .
خلال الحرب العالمية الثانية برزت العناصر النقابية الشيوعية الأكثر مدافعة ضد النازية مما دعم مكانتها في الفرع الجامعي بتونس انعكس ذلك على موازين القوى في المؤتمر الذي انعقد 18 و 19 مارس 1944 و خرج بقيادة ذات أغلبية شيوعية ب 17 من ضمن 21 مقعدا و قد ترشح حينها فرحات حشاد كنقابي مستقل مدعوم من نقابيي صفاقس ولم يسعفه الحظ رغم نشاطه الكثيف وهو ما يحسب ضد المجموعة الشيوعية التي لم تسعى لإستقطاب العناصر النشيطة المستقلة .
مثل فوز الشيوعيين في مؤتمر مارس 1944 بداية التفكير الجدي في منظمة نقابية وطنية وهو ما تحقق في 26 و 27 أكتوبر 1946 حيث انعقد المؤتمر التأسيسي للإتحاد النقابي لعملة القطر التونسي و ذهب الأغلبية الى خيار الاستقلالية بعدد 388 صوت مقابل تفضيل 80 صوتا البقاء ضمن الجامعة العامة للشغل الفرنسية وافرز المؤتمر انتخاب حسن السعداوي رئيسا وهو القيادي في الحزب الشيوعي التونسي كما ضم المكتب التنفيذي عدة اسماء امثال الحبيب الدلاجي وبلحسن الخياري وعمر البلوشي واحمد زربوط .
أقر المؤتمر التأسيسي للأتحاد النقابي لعملة القطر التونسي ميثاق الوحدة النقابية مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تأسس في 20 جانفي من نفس السنة 1946 .
انعقد المؤتمر الثاني أيام 10 و 11 جوان 1949 بعد ثلاث سنوات من العمل المشترك والتنسيق بين الاتحاد النقابي و الاتحاد العام التونسي للشغل و بعد تعزيز صفوفه بقيادات نقابية بارزة امثال عمر فيالة والحاج علي ( عمال الرصيف )و عمار بن علي بن عمار ( المناجم ) ومحسن علجية ومحمد ونيس ومحمد التوزرطي وبشير المبروك وغيرهم ،هيمن على المؤتمر موقف التوحيد مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تم فعليا سنة 1956 حين بادرت القيادة على راسها المناضل الشيوعي حسن السعداوي الى توحيد الصف النقابي و الانضمام للإتحاد العام التونسي للشغل قبل ان يتوفى في ظروف غامضة (قيل انها نوبة قلبية )بمركز للشرطة في 12 فيفري 1963 بعد حظر الحزب الشيوعي التونسي ( حركة التجديد حاليا ) و اعتقال قياداته في جانفي 1963 .
اليوم يفتخر عمال تونس بحركة نقابية متجذرة ومتنوعة كان لليسار التونسي الدور الفاعل في تاسيسها وفي قيادتها وكان لها الدور الأساسي في الحركة الوطنية وتحرير تونس وبناء الدولة الحديثة كما كانت حاضنة الحراك السياسي و في طليعة الدفاع عن الحريات والعدالة الاجتماعية مجسدة اليوم في الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ينهل من روافد نقابية عريقة تمتد جذورها الى بدايات القرن العشرين .

المصادر : الطريق الجديد ، العدد 72 ، 26 فيفري 1983 .
الطريق الجديد : العدد 71 ، 18 فيفري 1983 .
عبد السلام بن حميدة الحركة النقابية الوطنية للشغيلة بتونس 1924- 1956
مصادر مختلفة .
12 جويلية 2012